يواصل نتنياهو تحدي المجتمع الدولي غير مبال بردود الأفعال التي يضمن في النهاية أنها لن تطول أمن بلاده، ويتصرف وفقا للحكمة الشهيرة «من آمن العقاب أساء الأدب»، والحقيقة أن هذا «النتن – ياهو» زعيم التتار الجدد يتصرف مثل دراكولا لا يشبع شهيته إلا الخراب والدمار ورؤية المزيد من الدماء وصرخات الأطفال والنساء الثكالى.
آخر تصريحات رئيس وزراء الاحتلال مساء الخميس، أن بلاده سوف تواصل حربها في قطاع غزة، وأنها مستعدة أيضا لسيناريوهات في مناطق أخرى، ووفقا لما نشره مكتبه فإنه مستعد للوفاء بالمتطلبات الأمنية لدولة إسرائيل دفاعا وهجوما.
هذا ليس تصريحا عنتريا، وإنما يتحدث عن قناعة تامة ليس ثقة في قدرته وقوته، وإنما تعبير عن الضعف الذي وصل إليه حالنا كأمة ضحكت من جهلها الأمم، بعد وهنها وضعفها وهوانها على العالم وأشباه الدول، فاحتل اليهود الأرض واغتصبوا العرض وعاثوا في البلاد فسادا صامين آذانهم عن صرخات الضعف والاستنكار والتوسل، غير مبالين بأصحاب الأيادي المرتعشة والمواقف المتفرقة.
ما يحدث في غزة يدفعنا لسؤال مهم يدور في خلد كل عربي من المحيط إلى الخليج، ما مصير اتفاقيات الدفاع العربي المشترك؟ ومتى يكون للعرب قوة عسكرية قادرة على الدفاع والردع، تصون الأمن القومي العربي من مخاطر الأطماع وتوقف كل من تسول له نفسه تهديد شبر من أراضيها.
عام 1950 وقعت 7 دول عربية وهي «مصر، الأردن، سوريا، العراق، السعودية، لبنان واليمن» في القاهرة اتفاقية الدفاع العربي المشترك والتعاون الاقتصادي، واستمر انضمام بقية الدول تباعا تحت مظلة جامعة الدول العربية.
وخلصت الاتفاقية التي تضمنت 13 بندا إلى أنه في حال حدوث أي عدوان على أي من الدول الأعضاء يعد مساس ببقية الدول، وأنها مطالبة على الفور منفردة أو مجتمعة باستخدام جميع ما لديها من وسائل بما في ذلك القوة المسلحة لرد الاعتداء وإعادة الأمن والسلام إلى نصابهما، وللأسف هذه الاتفاقية ظلت حبرا على ورق ولم يتم تفعيلها ولو لمرة واحدة لا عسكريا ولا اقتصاديا.
وبعد 65 عاما من الاتفاقية التي ولدت ميتة، وفي 29 مارس 2015، وافق مجلس جامعة الدول العربية على الفكرة التي طرحها الرئيس عبد الفتاح السيسي، بإنشاء قوة عربية مشتركة بهدف حفظ وصيانة الأمن القومي العربي، وصدر قرار الجامعة رقم 628 متضمنا 12 مادة ترسم مهام هذه القوة ودورها.
وحددت الجامعة مهام مجلس الدفاع العربي وجاء أهم البنود في مادته الثانية حول التدخل العسكري السريع لمواجهة التحديات والتهديدات الإرهابية التي تشكل خطرا مباشرا للأمن القومي العربي، والمشاركة في تأمين عمليات الإغاثة والمساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في حالات الطوارئ الناجمة عن اندلاع نزاعات مسلحة، بجانب أي مهام أخرى يقررها المجلس، ولحقت الاتفاقية بسابقاتها في الأدراج.
تاريخيا.. وخلال حرب أكتوبر 1973، تم تنفيذ اتفاقية الدفاع المشترك بين مصر وسوريا التي أبرمت عام 1966، وشاركت دول عربية مصر وسوريا في حربهما ضد إسرائيل بالمعدات الفنية والقوات والأموال ووقف إمداد الدول المتعاونة مع إسرائيل بالبترول.
لكن فشلت جامعة الدول العربية في تفعيل بنود اتفاقية الدفاع العربي أثناء الاجتياح الإسرائيلي للأراضي اللبنانية عام 1982 على الرغم من أن لبنان إحدى الدول الموقعة على الاتفاق، كما فشلت أيضا في تنفيذه لوقف العدوان العراقي على الكويت، والآن تجاه ما تتعرض له فلسطين من حرب إبادة شاملة على يد العدو الصهيوني.
باختصار.. اتفاقيات الدفاع العربي المشترك، سواء كانت ثنائية أو ثلاثية أو تحت مظلة جامعة الدول العربية باء معظمها بالفشل، واتفق العرب على ألا يتفقوا، وبدلا من الاعتماد على قوة الردع المحلية تم اللجوء إلى دول أجنبية للحماية مقابل مليارات الدولارات.
تبقى كلمة.. فلسطين دولة عربية وعضو في الجامعة العربية، وما تتعرض له من هولوكوست إنساني وتسونامي بشري يتطلب من الجامعة الموقرة أن تنتفض لتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، لتلبى طموحات ملايين العرب من المحيط إلى الخليج، لتقول للعالم أجمع «هنا جامعة الدول العربية» قررنا ما هو آت..