تحدثنا كثيرا وتحدث غيرنا عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بأهالي غزة جراء العدوان البربري الغاشم لقوات الاحتلال النازية منذ السابع من أكتوبر الماضي وحتى بدء الهدنة الإنسانية قبل أيام في غياب وتعتيم تام على ما أصاب المحتل الأرعن من خسائر جسيمة تكفي لقطة واحدة للتعبير عنها خلال صور تكشف تكدس المطارات الإسرائيلية بمواطنيها يفترشون الأرض ويلتحفون السماء لمغادرة البلاد بأي شكل وإلى أي جهة.
لا يجب أن نقلل من جهود رجال المقاومة الذين تحملوا ما لا يتحمله بشر طوال فترة العدوان الأعمى برًا وجوًا وبحرًا، طوال 48 يومًا متواصلة بدون توقف، بدعم أمريكي أوروبي ومباركات إقليمية ودولية.
الجيش الإسرائيلي المخادع الذي يخاف الضغوط الداخلية لا يعلن الحقيقة كاملة وإنما يكتفي بذر الرماد في العيون حفاظًا على ماء الوجه، ولأن خسائره ورائحتها النتنة أكبر من أن تدفن في الخفاء.
العدو الصهيوني أعلن أن عدد قتلاه منذ الحرب في السابع من أكتوبر وصل إلى 361 قتيلا، في المقابل تؤكد تقارير صحفية أن إخفاء الأرقام الحقيقية جاء خوفا من رد فعل الجبهة الداخلية التي وصلت إلى حد الغليان بما ينذر بانفجار وشيك يطيح بالحكومة ويهدد الكيان بأكمله.
ووصل عدد المصابين من جنود الاحتلال الذين ترتعد مفاصلهم في المواجهات وخصوصا عندما تطورت المعارك البرية إلى معركة النقطة صفر، إلى 6000 مصاب.
وتزايد عدد النازحين الإسرائيليين هروبا من صواريخ المقاومة التي أقلقت راحتهم وجعلت شبح الموت يخيم فوق رؤوسهم إلى 250 ألف نازح يهودي والعدد مرشح للزيادة إذا رفض الاحتلال المفاوضات الجديدة لزيادة الهدن المؤقتة إلى مدد جديدة تنتهي إلى هدنة دائمة.
وعلى شق التكلفة الاقتصادية وفقا لوزارة مالية الاحتلال لحرب الـ48 يوما التي يشنها الاحتلال ضد حركة حماس في غزة، فإن الحرب تكلف الاقتصاد الإسرائيلي حوالي 270 مليون دولار يوميا، بينما ستقدر تكلفتها المالية إذا استمرت لمدة من 8 إلى 12 شهرا بـ200 مليار شيكل ما يعادل 51 مليار دولار، الأمر الذي سيجبر الحكومة إلى الاقتراض لتمويل عملياتها العسكرية خلال أسوأ صراع مسلحة تقوده منذ نصف قرن تقريبا.
أما تكلفة الخسائر في الإيرادات فسوف تتراوح بين 40 إلى 60 مليار شيكل بالإضافة إلى التعويضات التي ستتحملها إسرائيل للشركات والتي ستكون ما بين 17 و20 مليار شيكل، بالإضافة إلى 20 مليار أخري لإعادة التأهيل.
وبعد هذه المدة من الحرب بدأ الاقتصاد الإسرائيلي يتكبد تكاليف باهظة بلغت 600 مليون دولار أسبوعيا، وفقا لبنك إسرائيل المركزي.
وشهدت إسرائيل عجز في الموازنة بنحو 23 مليار شيكل ما يعادل 6 مليارات دولار في شهر أكتوبر، كما انخفضت الإيرادات بـ15% الشهر الماضي، بسبب التأجيلات الضريبية، وتراجع الاحتياط الأجنبي في البنك المركزي الإسرائيلي بأكثر من 7 مليارات دولار في أكتوبر.
باختصار.. حرب الـ48 يوما على غزة قبل بداية الهدنة، والتي كثف الاحتلال خلالها هجماته في حرب إبادة شاملة لتصفية القضية الفلسطينية ورغم قسوتها وما خلفته من آلاف الشهداء والمصابين وتدمير البنية التحتية، إلا أن غزة والمقاومة ليسوا في الموقف الأضعف، وأن تفاوض الشجعان المغلف بدعم الدول الحليفة ليس ناجما عن ضعف بل هي معركة المصير من أجل البقاء حفظا للأرض وصيانة للعرض.
وفي المقابل العدو الصهيوني تكبد خسائر كبيرة في الأرواح والأموال والمنشآت بالإضافة إلى التكلفة الاقتصادية الباهظة التي تزداد مع تفاقم الحرب، وآثارها السلبية التي قد تمتد إلى العديد من البلدان خاصة مع تزايد احتمالات انخراط أطراف أخري في الصراع.
تبقى كلمة.. لا يغرنكم الصلف والزهو الصهيوني وداعميه، فلولا الوضع السيء الذي بات يهدد الكيان ما غير بايدن المتعجرف وجهة نظره من التأييد الكامل للاحتلال في بداية الحرب إلى الموافقة على الهدنة، والتلويح بهدن جديدة.. إنها الحرب يا سادة لا تعرف إلا قوة السلاح وشدة الضغوط لردع المعتدي.. ألا لعنة الله على القوم الظالمين.