48 ساعة تقريبًا ورحلة البحث عن أدوية خافض الحرارة وبدائلها للأطفال مازالت مستمرة، إجابة الصيادلة لم تكن مثلًا أنه نفذ لديها، أو سيتوافر غدًا، أو يمكن طلبه من فروع أخرى أو حتى من الموزعين!، الإجابة كانت: ناقص في السوق يا فندم.. حتى البدائل ليست موجودة.
أزمة نقص الأدوية
نفد الأمل، وانقطعت سُبله، ساد الملل، وبعد رحلة بحث طويلة “كعب داير” على الصيدليات في القاهرة، أملًا في العثور على جرعة الدولة لفلذة الكبد الذي أنهكت الحرارة قلبه، وبتنهيدة طويلة سألت أحد الصيادلة عن السبب عدم وجود هذه الأدوية، خاصة وأنها أدوية أطفال، غير أنها ليس باهظة الثمن كأدوية أخرى نعرفها يصل سعرها للألاف، كانت الإجابة بأن هناك نية مبيتة لدى المستثمرين لرفع أسعار هذه الأنواع من الأدوية، ولأن القلب لا يتحمل أي شيء عند الأطفال، كان الرد الطبيعي: مش مشكلة بس نوفره مش عارف أعالج الولد…!.
ذهبت واليأس يجر قدمي للخلف وقلب الأب يجرني للأمام بحثًا عن أماكن أخرى، هذه المرة كانت إجابة أخرى مختلفة، بأن البعض من المستثمرين لا يرغبون في استمرار هذه الدواء أو حتى بديله، لأن أرباحه غير مجدية بالنسبة له، فليس لديه أي مشكلة تمامًا في الاستغناء عنه، دون النظر لأية اعتبارات أخرى، أو حتى التفكير في رفع سعره.
عُدت وحتى كتابة هذه السطور لم أجد هذه الأدوية، وفاض الكيل بالبحث عن البديل الخامس تقريبًا، ولا أعرف حقيقة كيف لدولة أنشأت مدينة دواء تُعلن اليوم عن إنتاج 26 مليون عبوة دواء خلال الفترة من (2021-2023)، وإعلان أن المستهدف أن تصل طاقة الإنتاج إلى 60 مليون عبوة، بالإضافة إلى 95 مستحضرًا دوائيًّا جديدًا في نهاية عام 2024، وذلك بالتعاون مع 7 شركات رائدة في مجال الصناعة الدوائية أن يكون لديها هذا الفقد الكبير من الأدوية وحتى بدائلها، خاصة وأنها أدوية بسيطة وعادية جدًا ليس مثيرة للجدل مثلًا في السعر أو تُنصف كجدول.
لا اعتقد أن أحدًا قد يختلف معي كثيرًا حتى البسطاء والمعدمين تمامًا في فكرة أن رفع أسعار الأدوية لا يعني نقصها في السوق، وإن كان ثمة أسباب أخرى كالتي طُرحت أعلاه فإننا بحاجة لحلول عاجلة ليس لإنهاء أزمة نقص الأدوية فقط، وإنما لضمان عدم تكرارها مرة أخرى بعيدًا عن الشعارات الرنانة وكلام الإعلام والإعلانات والبيانات غير الصادقة، لاسيما وأن القيادة السياسية قد شددت وأكدت مرارًا وتكرارًا على أهمية الصحة في مشروع بناء الإنسان المصري، وقدّمت مبادرات عديدة بداية من مبادرة 100 مليون صحة والكشف المبكر عن أمراض سرطان الثدي، والكشف المبكر عن ضعف السمع والنظر، ومبادرة إنهاء قوائم الانتظار، وغيرها من المبادرات التي تدعم استراتيجية الدولة نحو توفير حياة كريمة للمواطنين.
الخلاصة.. اعتقد أنه لا يمكن لنا أبدًا أن نظل نسير عكس الاتجاه، وترك هذه الأزمة تتفاقم دون النظر إليها بعين الاعتبار، والتحرك سريعًا دون إهمال أو تقاعس لإنقاذ حياة المصريين التي باتت في خطر مؤكد بعد الإشارة إلى أن نحو 1000 صنف تقريبًا ناقص في سوق الأدوية المصرية.