أزمة انقطاع التيار الكهربائي لها وجه آخر يتمثل في لصوص ومحترفي سرقة التيار بعيدًا عن العداد الرسمي، الأمر الذي يعرض الشركة لخسائر كبيرة يدفع ثمنها المشتركين بصورة رسمية ليتحملوا ثمن جريمة اللصوص حرامية المال العام.
بداية عملية سرقة التيار لا يتوقف تأثيرها السلبي على الدولة فقط وإنما يمتد أثرها إلى المواطن أيضا، بمعنى أن الضرر واقع على الجميع لمصلحة اللصوص الذين ينعمون بسرقاتهم بعيدا عن أعين الأجهزة الرقابية.
هذه العمليات الاجرامية تكبد الدولة خسائر تزيد عن 2 مليار جنيه سنويًا، كما أنها تتسبب في زيادة الفقد الفني في التيار وبالتالي انخفاض جودة الخدمة، والأهم من ذلك أن المنطقة التي يكثر فيها سرقات التيار تتعرض لانقطاع مستمر للتيار الكهربائي.
وتمتد الآثار السلبية لسرقة التيار إلى تلف الأجهزة الكهربائية بسبب تذبذب الجهد الكهربائي، كما أنها تؤثر على أسعار بيع الكهرباء وتضطر الدولة لزيادتها، وتغل يد الدولة عن تطوير الشبكات والصيانة الدورية، الأمر الذي ينعكس سلبًا على أداء الخدمة.
سرقة التيار الكهربائي تُفاقم أزمة تخفيف الأحمال، كما أن حملات الوزارة غير كافية وغير رادعة لهؤلاء اللصوص الذين استباحوا المال العام وتحايلوا على الوصلات الشرعية بأخرى ما أنزل الله بها من سلطان، ويستخدمون التيار الحرام بصورة مهدرة، بعيدًا عن الترشيد وكأنهم ينتقمون من البلاد والعباد.
وبعيدا عن وصلات الباعة الجائلين الذين يفترشون شوارع وأرصفة مصر من أعمدة الشوارع، ولصوص كهرباء المنازل الذين يسرقون وصلة خاصة للتكيفات التي تعمل على مدار الساعة من قبل العداد بـ«صفر تكلفة»، فهناك أيضا محترفين يتلاعبون في قراءة العداد ويستخدمون ألاعيب شيحة لتسجيل قراءات متدنية تخالف استهلاكهم غير مدركين العقوبات القانونية والاخلاقية والدينية التي تجرم السطو على المال العام.
وتوجد آلاف الشقق في القاهرة الكبرى وخاصة في بعض المدن الجديدة والامتدادات العمرانية مازالت تعمل بطريقة الممارسة وتسعى الشركة القابضة لكهرباء مصر منذ نوفمبر الماضي لإلغاء العمل بهذه الطريقة، وتركيب عداد كودي مسبوق الدفع بشكل إجباري لجميع سارقي التيار الكهربائي على مستوى الجمهورية بشكل تدريجي.
نظام الممارسة ببساطة يعني أن تربط الهيئة مبلغ زهيد شهريًا على كل شقة 500 جنيه تقريبا وتختلف من منطقة لأخرى مهما بلغت قيمة الاستهلاك لدرجة أن البعض يغادر شقته طوال اليوم ويترك التكيفات في وضع التشغيل حتى تظل الشقة باردة ومكيفة في استقبال سعادته متى عاد.. والله حرام.
باختصار.. سرقة التيار الكهربائي بالإضافة إلى الفاقد والذي يمثل أيضا نسبة لا يستهان بها، وكذا عدم تحصيل فواتير الاستهلاك من بعض الوزارات والجهات وغيرها، يدفعنا لمطالبة الحكومة باتخاذ العديد من الإجراءات الفورية والحازمة، واستحداث النظم والبرامج الكفيلة بالكشف الفوري عن السرقات بمجرد وقوعها.
وضرورة تطبيق قانون الكهرباء بكل حزم على سارقي التيار الكهربائي، وكذا مع مخالفي شروط التعاقد مع شركات توزيع الكهرباء لضمان الحفاظ على حق الدولة والمواطن، وتكثيف الحملات التوعوية لشرح خطورة سرقة التيار على الاقتصاد القومي، وتجريمها قانونيا مع بيان العقوبات الرادعة للمخالفين والتي تصل إلى السجن والغرامة.