المنظمات الدولية المعنية أعمت عيونها عما يحدث في غزة، وعن جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين العزل منذ السابع من أكتوبر الماضي، واستخدامها الأسلحة المحرمة دوليا، وإقامتها للمحارق والمجازر والمقابر المفتوحة التي تعد الأكبر في العصر الحديث، على أساس «أن من مات ارتاح»، وطبقًا لنظرية «اللي فات ننساه»، وسقطت نكبة غزة من حساباتهم إلى الأبد.
هذه المنظمات المأجورة التي تعمل تحت مسميات مختلفة، بحسابات بعيدة عن الشفافية والمصداقية والنصرة الحقيقية للمظلومين وأصحاب الحقوق، وقد تجاهلت هذه المنظمات عن عمد التصرفات اللاإنسانية للحكومات الأوروبية في التعامل مع اللاجئين على شواطئهم والفارين من الحروب ودول الصراعات، ويتركونهم في عرض البحر للموت غرقًا دون تقديم أي وسائل العون لهم.
هذه المنظمات أعلنت حالة الطوارئ وفتحت النار على الدولة المصرية لأنها رحلت 800 شخص من الأشقاء السودانيين إلى بلادهم وذلك لمخالفتهم لضوابط الدخول والإقامة في مصر، وشنت منظمة العفو الدولية الهجوم على مصر بتهمة إجبار لاجئين سودانيين على الرحيل بطريقة تعسفية وتطالب بفرض عقوبات على مصر.
التقرير المشبوه الذى أصدرته المنظمة الدولية لم يراع الدور الكبير الذي تلعبه الدولة المصرية التي استقبلت ما يقارب من 10 ملايين لاجئ على أراضيها وبين أهلها دون تفرقة أو تمييز بنفس الحقوق، ولم تقم لهم مخيمات أو تعزلهم في أماكن متفرقة، أو تفرق بينهم وبين المصريين في أسعار السلع والخدمات، أو تضع لهم ضوابط وحدودا، وذلك عكس بعض الدول التي تتعامل مع المقيمين على أراضيها بصورة مختلفة تعتمد على التمييز من حيث الأسعار والحرمان من بعض الامتيازات التي يتمتع بها مواطنو هذه الدول، وغير مسموح لهم دخول أماكن وأسواق معينة.
احتراف الغرب لصناعة الأزمات وتمريرها وترويجها لتحقيق مكاسب تخدم مصالحه، طريقة قديمة متجددة يستخدم خلالها وكلاءه من هذه المؤسسات الدولية التابعة، التي تعد أذرعا للأجهزة الاستخباراتية في هذه الدول لتوجيه الاتهامات الباطلة وترويجها بصورة إعلامية مكثفة بغرض إثارة القلاقل وإشعال الحدود والحصار الاقتصادي وغيرها من المؤامرات والفتن وقلب الحقائق.
المنظمات الدولية التي تتهم مصر أنها رحّلت لاجئين من أراضيها لم تكلف نفسها عناء البحث عن الطريقة التي وصل بها هؤلاء إلى البلاد، والتي تمت بشكل غير قانوني، ولم تكلف نفسها اللجوء إلى الجهات المسئولة في مصر لمعرفة سبب ترحيلها لهؤلاء، كما أنها تناست الأوضاع المعيشية الآمنة التي يعيشها 10 ملايين لاجئ في بلادنا.
مصر التي فتحت أراضيها بترحاب أمام ملايين الأشقاء اشترطت الدخول للبلاد بصورة قانونية، وهذا لا يعنى أبدا التهاون أو التساهل مع كل من تسول له نفسه الدخول بصورة غير شرعية، كما أنها لن تقبل أي تهديد للأمن القومي المصري، فبلادنا دولة قانون ولدينا إجراءات لاستقبال اللاجئين وأخرى للتعامل مع المخالفين وفقا للقانون المصري والدولي.
تعودنا من الغرب على الكيل بمكيالين، وعلى اتباع نظرية الأهواء وتصفية الحسابات، وكذلك الهجوم المدفوع نظير مواقف مصر الواضحة والوطنية وخصوصا في القضايا الإقليمية والدفاع عن الحقوق العربية والإسلامية.
باختصار.. مصر ستدفع لفترة طويلة فاتورة كلمة «لا».. موقف القاهرة الذي كان الأكثر وضوحًا منذ اندلاع الحرب الفلسطينية الإسرائيلية في السابع من أكتوبر الماضي، والمتعلق برفضها التام لتهجير الأشقاء الفلسطينيين وفقا لمساعي الصهاينة وداعميهم الغربيين بتواطؤ إقليمي.
قالت مصر كلمتها بصراحة وأصرت على موقفها بأنها لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية عبر التهجير، ولن تسمح بدخول أهل غزة إلى أراضيها كلاجئين، معلنة أنه لا حل ولا بديل إلا بإقامة الدولتين على حدود عام 1967، الأمر الذي أغضب الصهاينة وأعوانهم فبدأت الحرب المفتوحة للضغط على الإرادة المصرية في محاولات يائسة لتمرير مخططات الصهيونية العالمية.