هل يحتاج رسول الله صلى الله عليه وسلم لمقال نكتبه عنه في ذكرى مولده نمجد فيه مآسره ونذكر فيه محاسنه ونعدد فيه مناقبه؟ ماذا لو عاد رسول الله؟ وماذا تبقى لدينا مما أخذناه وتعلمناها من الهدي النبوي ومازال بيننا متمسكين به حتى الآن؟
الإجابة ليست أمرا صعبا، واكتشاف ما آل إليه حالنا السيء لا يحتاج إلى مجهود أو تركيز وتفكير في حال أمة الإسلام في عهد رسول الله وحالنا الآن بعد أكثر من 14 قرن من الزمان.
المقارنة بالطبع صعبة ولن تكون في صالحنا لأننا نسينا الله وظلمنا أنفسنا ظلما بيننا، أغلبنا يحمل من الإسلام اسمه فقط، مجرد كلمة في خانة الديانة نزين بها هويتنا، مظهر بلا جوهر وشكلا بلا عقيدة، أما جوهر الدين فهو ليس موجود بيننا، ولو رجعنا للسؤال الجوهري ماذا لو عاد رسول الله؟ هل سيعجبه ما آلت إليه أحوالنا.
الوضع الواهن الذي تعيشه أمة الإسلام المترامية الأطراف في جميع أنحاء العالم حتى زاد عددنا إلى أكثر من 2 مليار مسلم، في ضعف وشتات، يدفعنا للتساؤل، أين ذهب الإرث الذي تركه لنا رسول الله وشدد عليه في خطبة الوداع قائلا «فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا من بعده: كتاب الله وسنة نبيه».
والحقيقة أننا ينطبق علينا الآن الشق المتعلق بالضلال وهذا يعني ببساطة أننا لم نتمسك بكتاب الله تعالى وسنة نبيه المصطفى!
أما كتاب الله فبات في أغلب صدور المسلمين كلاما محفوظا تنطقه ألسنتهم قولا لا عملا وتتزين به أرفف مكتباتهم للتبرك وقد لا تلمسه أيديهم ولا يحكم بينهم أو ينظم حياتهم وأمورهم الدنيوية ولا يحكمونه في دساتيرهم لضمان آخرتهم.
وتجاهلنا كنوزا ثمينة تركها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته الكريمة وهديه النبوي الشريف، وحال الأمة الذي يدعو إلى الغمة يكشف ما آلت إليه أحوال المسلمين، تلك الأمة الواحدة التي تركنا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الدستور الإسلامي الحقيقي لا يطبق في غالبية بلاد المسلمين، وتحكمنا دساتير تحكمت فيها أهواء البشر وأغراضهم الدنيوية، بعيدة عن الدستور والقانون الإسلامي المشرع في كتاب الله، لا يقومون حدوده ولا يأتمرون بأوامره ولا ينتهون بنواهيه ولا بما جاء به من آيات وأحكام فاصلة ودستور ينظم الحياة الدنيا والآخرة.
حال الأمة الإسلامية اليوم يدعو إلى الحزن والاحباط على ما وصل إليه أحوال البلاد والعباد، وما تتعرض له دول من وطننا الأكبر لاحتلال الأعداء وسفك الدماء وهتك الأعراض وما تتعرض له المقدسات الإسلامية من تدنيس وما تتعرض له الأقليات المسلمة في دول العالم من مجازر ومحارق وما يتعرض له الأشقاء في الأراضي المحتلة من عمليات إبادة جماعية.
بلاد الإسلام يا رسول الله ضاع فيها العدل والحق والنخوة والكبرياء وحدود الله والصدق والكرامة والعزة وتحول الأشقاء إلى الإخوة الأعداء، فتقاتلوا وتناحروا ونصروا الظالم وتحالفوا مع الشيطان.
باختصار.. عذرا سيدي يا رسول الله، في يوم مولدك نتوارى منك خجلا فما وصلت إليه أمة الإسلام من ضعف وهوان وانقسامات وانشقاقات ونزاعات وحروب أمر يندى له الجبين وتسقط معه هيبة الأمة وكرامتها بين الأمم.
ما أحوجنا إلى العودة لكتاب الله وسنة نبيه المصطفى لننعم بالدارين.. وتبقى ذكرى مولدك سيدي يا رسول الله أجمل الأعياد.