حسابات إثيوبيا الخاطئة واتخاذها خطوات أحادية فيما يخص سد النهضة، بالمخالفة لاتفاق المبادئ الثلاثي المبرم عام 2015 مع مصر والسودان، وتعمدها التأثير المباشر على دولتي المصب وضعها في موقف صعب لا تحسد عليه خصوصا بعد التصرفات التآمرية لرئيس وزرائها آبي أحمد، واتخاذه خطوات إجرائية وتحالفات مشبوهة هدفها خنق مقدرات مصر.
ولم يدرك رئيس الوزراء الإثيوبي خطورة الموقف، وأصر على المضي في غيه، غير ملتفت لصلابة الموقف المصري الذي يصر على الجلوس إلى طاولة المفاوضات والتحاور وإعمال لغة العقل بدلا من «فرد العضلات» لتبدأ مصر تحركاتها المشروعة والمدروسة دفاعا عن أمنها القومي.
ولم تكن اتفاقية الدفاع المشترك مع دولة الصومال سوى نقطة الانطلاق إلى عمق القرن الإفريقي لتصل المعدات العسكرية المصرية إلى مقديشو.
وواصلت مصر تعمقها في القرن الإفريقي، حيث زار أول أمس السبت، رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل، يرافقه وزير الخارجية والهجرة الدكتور بدر عبد العاطي، العاصمة الإرترية أسمرة، حيث عقدا لقاء مع الرئيس الإرتري إسياس أفوركي، توافق خلاله الطرفان على تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، وتكثيف الجهود لتحقيق الاستقرار في السودان وضرورة الحفاظ على وحدته وسلامة كامل أراضية.
الزيارة الهامة جاءت في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات بين مصر والصومال ضد إثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا اتفاقية مع الحكومة المتمردة في أرض الصومال.
وتحمل الزيارة بعدا أمنيا وسياسيا وتكتسب أهميتها من خلال التنسيق بين القاهرة وأسمرة في عدة ملفات على رأسها توترات الملاحة في البحر الأحمر وتداعياتها على قناة السويس، ومواجهه ما تشكله التحركات الإثيوبية الأخيرة من تهديد للقرن الإفريقي.
الموقف الإرتري كان واضحا حيث أعلنت على لسان خارجيتها عقب الزيارة أن الاتهامات التي توجهها جهات للقاهرة بزعزعة استقرار المنطقة، هو تبرير لأخطائهم الاستراتيجية.
إثيوبيا من جانبها تعمل جاهدة على إشعال فتيل الحرب في القرن الإفريقي بأقصى سرعة، حيث أشعلت حدة التوترات مع الصومال بصورة غير مسبوقة على مستوى التصعيد العسكري، وحركت فرقة عسكرية كاملة تجاه إقليم جيدو في إشارة من جانبها لخوض حرب ضد الصومال.
منطقة جيدو تنشط فيها حركه الشباب الإرهابية، والمفروض أن هذه المنطقة يوجد بها مهمة عسكرية تابعة للاتحاد الإفريقي وتتكون قواتها من عدة دول من بينها إثيوبيا، وهذه القوات تنتهي مهمتها في نهاية العام الجاري، وسوف تحل محلها بعثة جديدة لدعم الاستقرار في الصومال وتشارك فيها قوات مصرية تقدر بخمس آلاف جندي للمرة الأولى.
القوات الإثيوبية بدأت من الآن اتخاذ خطوات عسكرية خطيرة في الإقليم، فعقدت تحالف مع جماعه الشباب الإرهابية، ولم تكتف بتحريك فرقة عسكرية، بل قطعت كل الطرق المؤدية للإقليم وأغلقتها كما بدأت تعزز من تواجدها في إقليم جيدو، وأغلقت ثلاث مطارات أساسية، مما يؤكد أن إثيوبيا لن تنسحب من الإقليم مع انتهاء مهمة الاتحاد الإفريقي، وأنها تستعد للبقاء والحرب.
الصومال من جانبها أعلنت أنه في حال عدم انسحاب القوات الإثيوبية من إقليم جيدو في نهاية العام الجاري، فإنها سوف تعلن الحرب رسميا على إثيوبيا.
باختصار.. مصر لا تسعى للحرب ولا تجعله خيارا وحيدا وبذلت على مدار أكثر من 13 عاما جهودا شاقة في المفاوضات مع إثيوبيا، إلا أن عناد آبي أحمد وإصراره على العمل منفردا وتنفيذه لأجندات مشبوهة أغلق جميع الأبواب أمام المفاوض المصري، ووصلت جميعها إلى طريق مسدود.
مصر نجحت في حصار إثيوبيا داخل القرن الإفريقي لتدفع فاتورة غرورها وعنادها وتهديدها لدول الجوار، وسوف تكشف الأيام المقبلة العديد من التطورات المتلاحقة.