حققت الدراما التلفزيونية التركية و الكورية والهندية انتشاراً عربياً وعالمياً واسعاً، لما تحمله من قصص اجتماعية ورومانسية وتاريخية قريبة من المشاهد، ولكننا سنركز اليوم على نوع محدد من هذه النوعية المختلفة و هي الدراما الرومانسية.
إن مشاهدة المسلسلات الرومانسية التركية والكورية والأفلام الهندي، هذه الأشياء تشحن المرأة والفتاة بشحنة عاطفية كبيرة، و توسع خيالها للهروب من الواقع، فتحاول تفريغ كل هذا في
أحلام يقظة تستهلك وقتها أو علاقات محرمة تنزع البركة من حياتها أو في تَعلق يُمرِض قلبها ممّا يؤثر سلبًا على استقرارها النفسي و يصرفها عن التركيز على الجوانب المهمة في حياتها مثل عبادة الله و التقرب إليه فيجعلها مستهلكة المشاعر مشغولة بتوقعات وهمية، مما يضعف من علاقتها بالله و يشتّتها .
هذه الأغاني و المسلسلات ترسم صورة خيالية للزواج في ذهن الفتيات و النساء خصوصا صغار السن و حديث الزواج حيث يظهر الزواج كأنه حكاية خيالية ومغامرة عاطفية مليئة بالورود والمفاجآت السعيدة، خالية من المسؤوليات والتحديات. لكنها تغفل عن الحقيقة الجوهرية وهي أن الزواج رحلة طويلة تتطلب الصبر و التحمل والتضحية، حيث لا يكفي الحب وحده لتجاوز مصاعب الحياة بين الزوجين.
هذه الصورة المثالية تولّد توقعات غير واقعية، ممّا يجعل الفتاة تصطدم بالواقع عندما تجد أن الحياة الزوجية مليئة بالتفاصيل المرهقة والتحديات اليوميةالصعبة فالزواج ليس مجرد لحظات رومانسية، بل هو مسؤولية تقوم على التفاهم والدعم المتبادل بين الشريكين ، والحب الذي يدوم هو ذاك الذي ينمو رغم ثقل المسؤوليات و كثره الصعاب لا في لحظات الحلم فقط .
ننصحها بإخلاص النية لله تبارك وتعالى، ووضع أهداف لهذا الزواج فالإنسان العاقل ينبغي أن ينوي إنتاج الصالحين من البنين والبنات، ليفيد نفسه و مجتمعه.
الأمر الثاني: عليها أن تشكر الله تبارك وتعالى الذي وفقها وهيأ لها هذه الفرصة.
الأمر الثالث: أرجو أن تحتكم في أمر زواجها وفي علاقتها بزوجها إلى أحكام وضوابط هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى.
عليها أن تعلم أن الحياة الزوجية تحتاج إلى شيء من الصبر، وتحتاج إلى حسن المعاشرة، وهي لا تتحقق إلا ببذل الندى، وكف الأذى، والصبر على الجفا.
على المرأة أن تُدرك أن الحياة الزوجية ميثاق غليظ ورابط ينبغي أن يحافظ عليه كل طرف، وأن للحياة الزوجية أسرار ينبغي أن تحافظ عليها، وعليها أن تقبل من زوجها الحسن، وتُثني عليه، وتكون قريبة منه، وتجعل بينها وبينه قواسم مشتركة، فإذا كانت له أرضًا فسيكون لها سماءً، ولتكن له أمةً ليكن لها عبدًا، وعليها أن تحفظ سمعه وبصره، فلا يسمع منها إلا الطيب، ولا يشمّنَّ منها إلا أطيب الريح.
وعليها كذلك أيضًا أن تُحسن العلاقة مع أهل الزوج، وأن تصبر عليهم، وعندها سيبادلها بالإحسان إليها وإلى أهلها.
أيضا عليها أن تمنح زوجها التقدير والاحترام ليمنحها الأمن والطمأنينة، وأن تُدرك أن حق الزوج عظيم، وأنها ينبغي أن تقدم هواه على هواها ورضاه على رضاها، أن تُدرك أيضا أن الحياة الزوجية المطلوب فيها هو أن يكون الإنسان هو الأحسن، يعني مسابقة بين الزوجين في أن يكون كلٌ منهما هو الأفضل لصاحبه، فخير الأزواج عند الله تبارك وتعالى خيرهم لزوجه، وخير الأصحاب عند الله تبارك وتعالى خيرهم لصاحبه.
كذلك ننصحها دائمًا بأن تحرص على أن تفهم نفسية الزوج، وتقرأ في هذا الاتجاه، وتعرف فنون التعامل مع الرجل، وخصائص الرجل؛ لأن هذه من الأمور التي تعينها على التماسك في حياتها الزوجية.
عليها كذلك أن تشكر زوجها إذا جاءها بالقليل وسوف يأتيها الكثير، وأن تصبر على زوجها، وتصبر على ما يحدث منه، وتختار الأوقات المناسبة لعرض ما يضايقها في سلوك زوجها وفي أخلاق زوجها.
ننصحها بأن تحفظ للزوج قيمته ومكانته بين الناس، فلا تنتقصه، وتحفظ ماله، وتحفظ عرضه، وتصون بيته، وتقدمه، وتُظهر الإعجاب به، وتتجنب مقارنته بغيره. هذا نقوله للزوجة، وإذا فعلت هذا نالت من زوجها من الخيرات ما لا يعلمه إلا الله.
عليها أن تعلم أن رضا الزوج من واجبات الشريعة، وأن الإحسان إلى الزوج من واجبات الشريعة، ونذكرها بأن كثيرًا من الزوجات سيدخلنَ الجنة بصبرهنَّ وإحسانهنَّ إلى الأزواج، وخير الأزواج كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: (ألا أدلكم على خير نساءكم: الودود الولود التي إذا آذت أو أُذيت أخذت بيد زوجها وقالت: لن أذوق غمضًا حتى ترضى، وكما قال أبو الدرداء في أول يوم زواجه لزوجته: (إذا رأيتني غضبت فرضني، وإذا رأيتُك غضبتِ رضّيْتُك، وإلا لم نصطحب)، وكما قال -صلى الله عليه وسلم-: (أي امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة).
نسأل الله لنا ولكم ولها التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يسعدكم في حياتكم، ويُسعدنا جميعنا بطاعتنا لربنا تبارك وتعالى.