قصر المنيل.. عندما تطأ بقدمك وتخطو بأولى خطواتك عابرا الباب الخشبي الضخم المرصع بالحديد، سيصيب جسدك نوبة كتلك التي تشاهدها على الشاشات السينما في مشهد آلات الزمن التي تعود بأصحابها إلى أزمنة سابقة.
هنا عبق التاريخ، هنا رائحة الماضي، هنا الفخر والعزة، هنا الحضارة والمجد، إنه قصر المنيل، أو قصر الأمير محمد علي بالمنيل أو متحف قصر محمد علي بالمنيل أو متحف قصر المنيل هو أحد قصور العهد الملكي في مصر ذات الطابع المعماري الخاص، تكسوه الأشجار الكثيفة المروية بمياه النيل العذبة، قصر زُين بأعمال فنية وزخارف ومنقوشات وأسقف وتحف ومقتنيات ملكية جمالها ودقتها وتفاصيلها تفوق كل وصف وتعبيرات لغات العالم.
عن قصر المنيل
بني قصر محمد علي باشا في عام 1901، في جزيرة منيل الروضة بالقاهرة على مساحة 61711 متر² منها 5000 متر تمثل مساحة المباني، وهو تحفة معمارية فريدة كونه يضم طرز فنون إسلامية متنوعة ما بين فاطمي ومملوكي وعثماني وأندلسي وفارسي وشامي، ويشتمل القصر على ثلاث سرايات هي: سراي الإقامة، وسراي الاستقبال، وسراي العرش، بالإضافة إلى المسجد، والمتحف الخاص، ومتحف الصيد، وبرج الساعة، ويحيط به سور على طراز أسوار حصون القرون الوسطى، فيما تحيط بسراياه من الداخل حدائق تضم مجموعة نادرة من الأشجار والنباتات، ويستخدم القصر حالياً كمتحف.
منشئ القصر الأمير محمد علي توفيق
منشئ القصر هو الأمير محمد علي الابن الثاني للخديوي توفيق ابن الخديوي إسماعيل، وأمه الأميرة أمينة نجيبة إلهامي كريمة إبراهيم إلهامي باشا ابن عباس الأول، أما أشقاؤه وشقيقاته فهم الخديوي عباس حلمي الثاني، الأميرة نازلي هانم، الأميرة خديجة هانم، الأميرة نعمة الله.
ولد الأمير محمد علي في 9 نوفمبر 1875م/11 شوال 1292هـ بالقاهرة وشب محباً للعلوم فدخل المدرسة العلية بعابدين ليحصد العلوم الابتدائية، وفي سنة 1884 توجه إلى أوروبا لتلقي العلوم العالية فدخل مدرسة هكسوس العالية بسويسرا ثم دخل مدرسة ترزيانوم بالنمسا بناءً على أوامر والده لتلقي العلوم العسكرية. وعاد إلى مصر عقب وفاة والده سنة 1892. ومنذ كان شاباً شُهد له بالحكمة ورجاحة العقل وظهر عليه ميله إلى العلم وحب الآداب والفنون خاصة الإسلامية.
شغل الأمير محمد علي منصب ولي العهد ثلاث مرات، الأولى في عهد أخيه الخديوي عباس حلمي الثاني حتى رزق الخديوي بابنه الأمير محمد عبد المنعم، وعقب خلع عباس حلمي الثاني طلبت السلطات البريطانية من الأمير محمد علي مغادرة مصر والإقامة بالخارج، فقطن في مونتريه بسويسرا إلى أن وافق السلطان أحمد فؤاد الأول على عودته إلى مصر، وعينه لاحقاً ولياً للعهد للمرة الثانية حتى رزق السلطان بابنه الأمير فاروق، ثم اختير كأحد الأوصياء الثلاثة على العرش في الفترة ما بين وفاة الملك أحمد فؤاد الأول وتولي ابن عمه الملك فاروق سلطاته الدستورية عند إكماله السن القانونية، ثم عُين ولياً للعهد للمرة الثالثة والأخيرة في عهد الملك فاروق إلى أن رزق الملك بابنه الأمير أحمد فؤاد الثاني.
وانتقل الأمير محمد علي إلى جوار ربه في 17 مارس 1954 في لوزان بسويسرا عن عمر ناهز الثمانين عاماً، وكان من وصيته أن يدفن في مصر، فدفن في مدافن العائلة المالكة بالدراسة «قبة أفندينا».
لقاء الصورة الحقيقية بـ الأمير عباس حلمي
الصورة الحقيقية التقت بالأمير عباس حلمي رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء متحف قصر المنيل، وهو حفيد الأمير محمد علي توفيق منشئ القصر، والذي تحدث عن اهتمام أسرته بالقصر ومحتوياته الفنية والتاريخية العريقة، وكيف يراها العالم، ومن ثم كان اهتمام بترميم وصيانة بعض مقتنياته وغرفه، وتنظيم مهرجانا باسم القصر هو مهرجان متحف قصر المنيل للموسيقي الكلاسيكية والذي يعقد اليوم في دورته الخامسة.
يقول الأمير عباس حلمي، إن الدورة الخامسة للمهرجان والتي اليوم 9 نوفمبر 2024 بالقاعة الذهبية بقصر المنيل، جاءت بعد أن تم تأجيلها العام الماضى نتيجة الأحداث التي تشهدها المنطقة، موضحاً أن إدارة المهرجان قامت بتقليص أيام الفعاليات من 4 أيام إلى يوم واحد مراعاة لظروف الأشقاء في المنطقة.
وفيما يتعلق بالقصر التاريخي، أعلن الأمير عباس حلمي أن جمعية أصدقاء متحف قصر المنيل قد انتهت من ترميم وتجهيز غرفتين من أصل 15 غرفة، وجار استكمال الأعمال في باقي الغرف، فضلاً عن بعض الأعمال الأخرى، وذلك في إطار الاتفاقية الموقعة مع وزارة الآثار.
بروتوكول مع أحد المتاحف اليابانية المتخصصة في الحفاظ على المخطوطات القديمة
ووقع الأمير عباس حلمي، بروتوكول تعاون مع أحد المتاحف اليابانية المتخصصة في الحفاظ على المخطوطات القديمة، بهدف تبادل الخبرات والحفاظ على التراث المصري.
مهرجان متحف قصر المنيل للموسيقى الكلاسيكية
ويعد المهرجان حدثا فريداً من نوعه، ويهدف إلى نشر الموسيقى الكلاسيكية، ويتضمن برنامج الدورة الخامسة العديد من الفقرات الفنية، التي تبدأ بفقرة موسيقية على أنغام الهارب لأجمل القطع الكلاسيكية والرومانسية، ثم يعقبها استراحة، ثم فقرة غناء أوبرالي، ويختتم بحفل عشاء.
ويأتي المهرجان بالتعاون مع مجموعة من الرعاة الداعمين للفعاليات، وشركاء النجاح الذين كان لهم دور كبير في إقامة الحدث الاستثنائي، وخروجه للنور هذا العام.
ويسعى المهرجان منذ دورته الأولى إلى الاهتمام بالموسيقى الكلاسيكية الراقية، حيث يعد المهرجان الأول من نوعه الذي يقدم هذا النوع من الموسيقى الفريدة المتميزة.
وتسعى جمعية أصدقاء متحف قصر المنيل من خلال المهرجان، الحفاظ على التراث الثقافي المرتبط بالقصر، وتشجيع الفنانين الشباب الموهوبين، ومنحهم (جائزة أصدقاء متحف المنيل السنوية- حسن كامي).