يأتي كتاب “لعلك تدرك” للكاتبة ولاء شريف الشوربجي كدعوة للتأمل في الذات والعلاقات الإنسانية والمجتمع من حولنا. بأسلوبها العذب وكلماتها الصادقة، تقدم الكاتبة مجموعة من الخواطر التي تلامس جوانب مختلفة من حياتنا، وتقدم رؤى قيمة للإصلاح والتغيير الإيجابي
رفقًا بالقوارير: دعوة إلى الاحترام والتقدير
تستخدم الكاتبة هذا المصطلح المجازي للإشارة إلى النساء، وتدعونا إلى معاملتهن بلطف ورحمة. تؤكد على أهمية فهم طبيعة المرأة وتقدير مشاعرها واحتياجاتها، ورفض أي شكل من أشكال الإهانة أو الاستغلال أو العنف ضدها. وتوضح الكاتبة أن العلاقة بين الرجل والمرأة يجب أن تقوم على الاحترام المتبادل والمودة والرحمة، لا على التسلط أو الاستغلال.
وترفض بشكل قاطع أي شكل من أشكال الإهانة أو الاستغلال أو العنف الذي قد تتعرض له المرأة في هذه العلاقات.
تنتقد الكاتبة النظرة السلبية التي قد يتبناها البعض تجاه المرأة، والتي تختزل دورها في المجتمع وتقلل من شأنها. وتدعو إلى تغيير هذه النظرة وإعلاء قيمة المرأة كشريك فاعل في بناء الأسرة والمجتمع.
وتشير الكاتبة إلى أن الرفق بالقوارير ليس مجرد سلوك حسن، بل هو جزء أصيل من تعاليم الدين الإسلامي وقيمه الإنسانية. وتستدل على ذلك بأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله التي كانت تجسد هذا الرفق في أسمى معانيه..
ولا يقتصر الكتاب على العلاقات الإنسانية فحسب، بل يمتد ليشمل رؤى حول قضايا أخرى، مثل
إصلاح الذات:
تنطلق الكاتبة من فكرة أساسية وهي أن إصلاح المجتمع يبدأ من إصلاح الفرد لذاته. وتوضح أن كل فرد هو جزء لا يتجزأ من المجتمع، وإذا صلح الفرد صلح المجتمع بأكمله. وتدعونا إلى محاسبة أنفسنا وتحمل مسؤولياتنا، بدلاً من إلقاء اللوم على الآخرين. وتقدم مثالاً حياً من واقعنا لتوضيح هذه الفكرة، وهو انتظام صفوف المصلين في المسجد، حيث يحرص كل فرد على موقعه دون الحاجة إلى تدخل خارجي.
المشاعر الإنسانية:
تتناول الخواطر أيضاً أهمية المشاعر الإنسانية، وتؤكد على ضرورة التعبير عنها بصدق وعدم كبتها. فالحزن والفرح والغضب وغيرها من المشاعر هي جزء طبيعي من التجربة الإنسانية، ولها دور في تشكيل شخصيتنا وتفاعلاتنا مع الآخرين. وتستشهد الكاتبة بأمثلة من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام لتؤكد على أن الحزن ليس ضعفاً، بل هو شعور إنساني طبيعي.
الزواج والعلاقات: أسس متينة للتفاهم والنجاح
تحظى العلاقات الإنسانية، وخاصة الزواج، باهتمام الكاتبة، حيث تلقي الضوء على أهمية التفاهم والود والاحترام المتبادل بين الزوجين. وتشدد على أن الزواج ليس مجرد صفقة، بل هو شراكة مقدسة تتطلب المودة والرحمة والتضحية من الطرفين.
الدنيا: اختبار وابتلاء وفرصة للنمو
تذكرنا الكاتبة بأن الدنيا ليست دار خلود، بل هي دار ابتلاء واختبار، وأن السعادة المطلقة ليست فيها. ولكنها في الوقت نفسه تدعونا إلى التفاؤل وعدم اليأس، وتؤكد على أن الابتلاءات هي فرص للنمو الروحي والتقرب إلى الله.
دعوة للتغيير الإيجابي: من الذات إلى المجتمع
في الختام، يمكن القول إن كتاب “لعلك تدرك” هو دعوة للتغيير الإيجابي يبدأ من داخل الإنسان ويمتد إلى المجتمع من حوله. إنه تذكير بأن الحياة تستحق أن تعاش بصدق وأمل، وأن كل فرد قادر على أن يترك بصمة خير في هذا العالم.