أكد المستشار أحمد المنشاوي، المحلل السياسي ورئيس حزب الوفد بالمنيرة الغربية، أن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال القمة العربية الرابعة والثلاثين في العاصمة العراقية بغداد، جاءت في توقيت بالغ الحساسية، لتعكس بوضوح حجم التحديات التي تواجه الأمة العربية. ووصف المنشاوي الكلمة بأنها “وثيقة سياسية متكاملة”، حملت مواقف صريحة، ورسائل واضحة، وطرحًا متزنًا يعكس التزام مصر الثابت بقضاياها القومية والعربية، وحرصها على حماية أمن واستقرار المنطقة.
وأشار المنشاوي، في تصريح خاص لـ”الصورة الحقيقية” إلى أن القضية الفلسطينية جاءت في صدارة الخطاب، حيث عبّر الرئيس عن الغضب العربي المشروع تجاه ما يجري في قطاع غزة، واصفًا ما يتعرض له الشعب الفلسطيني بأنه “محاولة ممنهجة لإبادة شعب بأكمله”. وأكد أن الرئيس السيسي تحدث بلغة حازمة ومباشرة، لا تقبل التردد، مشددًا على أن السلام الحقيقي لن يتحقق إلا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وأضاف أن الخطاب لم يوجه رسائله إلى المجتمع الدولي فحسب، بل أيضًا إلى الداخل العربي، حيث شدد الرئيس على أن رفض التهجير والتطهير العرقي يمثل موقفًا عربيًا موحدًا لا يحتمل المساومة، وأن دعم القضية الفلسطينية ليس مجرد موقف سياسي، بل التزام أخلاقي وتاريخي لا يمكن التراجع عنه.
دعم متواصل للقضية الفلسطينية
وأوضح المنشاوي أن الرئيس السيسي استعرض خلال كلمته الجهود المصرية المستمرة في دعم القضية الفلسطينية، سواء من خلال المساعي المبذولة لوقف إطلاق النار، أو من خلال قمة القاهرة غير العادية التي أسهمت في بلورة موقف عربي موحد يرفض التهجير ويدعو إلى إعادة إعمار غزة. كما أشار إلى دعوة الرئيس إلى تفعيل الدور الأميركي في وقف العدوان، واستثمار تأثير واشنطن لدفع عملية سلام حقيقية، كما حدث في مراحل سابقة.
خطاب شامل لقضايا الأمة
ونوّه إلى أن كلمة الرئيس لم تقتصر على الملف الفلسطيني، بل شملت مختلف القضايا العربية الملحة، من السودان وسوريا ولبنان، إلى ليبيا واليمن والصومال، مؤكدًا أن الطرح المصري اتسم بالاتزان والوضوح، ورفض التدخلات الخارجية، ودعا إلى تسويات سياسية شاملة تحافظ على سيادة الدول ووحدة أراضيها، وتعيد الاستقرار للمنطقة.
رؤية عقلانية ودبلوماسية متوازنة
وأشاد المنشاوي بتميز الخطاب، مؤكدًا أنه لم يكن دعائيًا أو شعبويًا، بل عبّر عن رؤية عقلانية تقوم على احترام الشرعية الدولية دون التفريط في الثوابت. كما جسدت الكلمة نموذجًا للدبلوماسية المصرية التي تجمع بين الحزم والحكمة، والمرونة والثبات.
واختتم المنشاوي تصريحاته قائلاً إن كلمة الرئيس السيسي في قمة بغداد لم تكن مجرد خطاب سياسي تقليدي، بل بمثابة خارطة طريق عربية شاملة، ورسالة صادقة للدعوة إلى تكامل عربي فعّال في مواجهة التحديات الوجودية، مضيفًا: “نحن أمام لحظة تاريخية تتطلب من الجميع الارتقاء إلى مستوى المسؤولية، والانطلاق نحو مستقبل يعيد للعالم العربي ثقله ومكانته، ويمنح أبناءه حياة تليق بتاريخهم وهويتهم”.