وافق مجلس النواب، خلال جلسته العامة برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، على مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن تحديد نسبة العلاوة الدورية للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية، ومنح علاوة خاصة لغير المخاطبين، إلى جانب زيادة الحافز الإضافي للعاملين بالدولة، ومنحة خاصة للعاملين في شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام.
هي بلا شك خطوة مهمة جاءت في توقيت شديد الحساسية، حيث يئن المواطن تحت وطأة موجات متتابعة من التضخم، وارتفاع أسعار الغذاء والخدمات الأساسية، لتبدو هذه الزيادة وكأنها “شُربة ماء” في صحراء الغلاء، لكنها أيضًا تطرح عدة تساؤلات تستحق التوقف أمامها.
الحكومة عبر هذا القانون حاولت أن تضمن شمول فئات مختلفة في تحسين أوضاعها المالية، سواء من العاملين بالجهاز الإداري للدولة أو العاملين في شركات القطاع العام، وهي نقطة تُحسب لصالح صانعي القرار، و لسنوات طويلة، ظلت العلاوات والحوافز مرهونة بالمخاطبين فقط بقانون الخدمة المدنية، بينما ظلت فئات أخرى خارج حسابات العدالة الاجتماعية.
رغم أهمية هذا التعديل التشريعي، فإن الفجوة بين الدخل الحقيقي وتكاليف المعيشة لا تزال واسعة، و علاوة بنسبة 10% أو حتى 15% قد لا تحدث فرقًا جوهريًا في حياة الموظف إذا كانت الأسعار ترتفع بوتيرة أسرع من أي زيادة في الأجور.
فكم تبلغ قيمة العلاوة إذا كان الحد الأدنى لها 150 جنيهًا؟ في ظل أسعار السلع والخدمات الحالية، هذه الزيادة قد لا تغطي فواتير الكهرباء أو حتى عبوة سلع أساسية. إذًا، نعود للسؤال الأهم: هل الحل في العلاوات، أم في ضبط السوق وكبح جماح الأسعار؟
يغيب القطاع الخاص عن دائرة الاهتمام الحقيقي، رغم أنه يضم شريحة ضخمة من العاملين في مصر، فهل نحن بحاجة إلى قوانين أخرى تُلزم هذا القطاع بتطبيق الحد الأدنى للأجور، وصرف زيادات دورية حقيقية، بدلاً من تركه طوعًا “للنية الحسنة” أو “القدرة المالية” لصاحب العمل؟ العدالة الاجتماعية لا ينبغي أن تتجزأ، وهي لا تتحقق بالقرارات الحكومية وحدها، بل بتطبيق فعلي ومتوازن عبر جميع القطاعات.
في الختام، أن مشروع القانون الذي أقره البرلمان خطوة لا يمكن إنكار أهميتها، لكنه ليس نهاية الطريق بل بدايته. نحتاج إلى إستراتيجية متكاملة لضبط الأسعار، إصلاح هيكل الأجور، وتحقيق عدالة في توزيع الثروة داخل المجتمع، و الموظف يحتاج أكثر من علاوة، يحتاج إلى كرامة اقتصادية وأمان وظيفي واستقرار معيشي حقيقي.