في الحروب ترتكب كل الموبقات وتستخدم كل الوسائل القذرة والأسلحة المحرمة دوليا، وغيرها من جرائم الحرب في الخفاء كونها تجاوزات غير مقبولة، ومن يرتكبها يستتر خوفا من افتضاح أمره، أو تحويله بما اقترفت يداه إلى محكمة العدل الدولية وغيرها من المنظمات التي ملئت الدنيا صراخا بحقوق الإنسان، وأهميتها والقصاص من المتجاوزين.
لكن ماذا لو كان ارتكاب هذه الجرائم اللاإنسانية واللاأخلاقية يذاع على الهواء مباشرة بإعداد وتخطيط وتصوير أون لاين لبث الرعب في قلب أهالي المغدور بهم، بل وقذف الرعب في قلوب العالم أجمع من التتار المغول الجدد والنازيون الذي يفعلون ما يريدون ولديهم ثقة تامة بأنهم فوق العقاب والمسائلة.
الحكاية أن جيش الاحتلال الذي استخدم كل وسائل التعذيب والتدمير والحرق والمجازر، وما تعنيه كلمة الإبادة من جرائم حرب أقبل على طريقة بشعة في صورة إعدامات ميدانية لأحياء على مرئ ومسمع من العالم، بل يقوم بتوثيقها من باب التباهي والتفاخر على أن هؤلاء الشهداء حلال فيهم القتل بهذه الصورة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وصل عدد الإعدامات الميدانية منذ انطلاق الحرب في السابع من أكتوبر الماضي إلى 137 عملية إعدام قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذها في القطاع وبالتحديد في محافظتي غزة والشمال.
عملية الإعدامات المأساوية تتم بصورة نازية عبر عمليات تطهير عرقي، حيث يقوم جنود الاحتلال بحفر مقابر كبيرة ويضع فيها عشرات الفلسطينيين المكبلين أحياء ويقوم بإعدامهم من خلال إطلاق الرصاص المباشر عليهم وإهالة التراب فوقهم بالجرافات.
ومن جانبه دعا المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى إجراء تحقيق دولي عاجل، وطالب بتشكيل فرق دولية للتحقيق في جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال وفي إعداماته الميدانية التي خالفت كل قوانين الحرب والتعامل مع الأسرى وحمايتهم.
وفي سياق متصل، قال أشرف القدرة المتحدث باسم وزارة الصحة في القطاع، أن الأسبوع الجاري شهد استشهاد العشرات وإعدام عشرات أخرين في الشوارع، خلال عمليات الجيش الإسرائيلي البرية في جباليا ومناطق أخرى بشمال قطاع غزة.
وكشف خلال الدقران، مدير الطوارئ بمستشفى شهداء الأقصى، أن جيش الاحتلال ينفذ عمليات إعدام ميداني بشكل يوميا في قطاع غزة بطريقة وحشية تتنافى مع كافة مواثيق حقوق الإنسان.
من جانبها جددت حركة المقاومة مطالباتها للجنة الدولية للصليب الأحمر بضرورة التحرك والتحري لكشف مصير مئات الفلسطينيين المختطفين على يد قوات الاحتلال في غزة، وهل مازالوا على قيد الحياة، أم أنهم تعرضوا للإعدامات الجماعية والدفن أحياء؟.
ولازال مصير المدنيين الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال وقامت ببث صورا لهم بعد تجريدهم من ملابسهم وتكدسهم بطريقة غير إنسانية في شاحنات مفقودا حتى الآن، حيث تم اقتيادهم إلى أماكن غير معروفة، ما يعني أنهم يواجهون مصيرا مجهولا وربما باتوا في عداد الشهداء.
باختصار.. جرائم الاحتلال في غزة أغلبها يرتقي إلى جرائم الحرب، وسوف تكشف الأيام المقبلة فظاعة أعمالهم الإجرامية في حق الأشقاء الفلسطينيين، فالعدو ارتكب ما يصدقه العقل وما يصعب تصديقه، ويفوق أفلام الرعب والكائنات الفضائية.
تبقى كلمة.. إسرائيل اخترقت عن عمد القانون الإنساني ودنست كل بنوده، بما فيها حماية المدنيين والطواقم الطبية والعاملين في مجال الإغاثة، والأسرى والجرحى خلال الحرب، والتي يعتبر اختراقها جريمة حرب تستوجب المسائلة والعقاب أمام محكمة العدل الدولية.
ولأنها دولة همجية لا تعرف الإنسانية ولا ترضخ لقوانينها، فقد تعالت شطحاتها إلى الإعدامات الميدانية – فمن آمن العقاب أساء الأدب- وما يحدث تجاوز كل تعاليم الأديان والمفاهيم الأخلاقية والقوانين الوضعية، وللأسف المسؤول عنه ليست إسرائيل وحدها.