جيش الاحتلال الإسرائيلي أوشك على إنهاء الحرب فوق أرض غزة، بعد تدمير البنية التحتية وتحويل المدينة إلى أنقاض فوق أشلاء جثث الشهداء، بالإضافة إلى استهداف المدنيين وتحويل القطاع إلى مقبرة مفتوحة، وارتكاب جرائم حرب تعد الأكثر بشاعة على مر التاريخ، إلى مرحلة جديدة أكثر ضراوة.
وبدأ المحتل الغاصب بعد انتهاء المرحلتين الأولى والثانية للحرب الاستعداد للبدء في المرحلة الثالثة خلال الأسابيع المقبلة والتي تتمثل في إنهاء المناورات والهجمات البرية وتخفيض عدد القوات وإعادة القوات الاحتياطية بعد تسريحها إلى سوق العمل، في ظل انهيار الاقتصاد الإسرائيلي، وتعتمد تلك المرحلة على الاقتحامات المركزة.
وبدأت إسرائيل التفكير جيدا في نقل المعركة من فوق الأرض إلى تحتها داخل الأنفاق التي فشلت في اقتحامها بالطريقة التقليدية، سواء عن طريق المداهمات أو تفجيرها لسببين.
الأول: نسبة المخاطرة العالية ووقوع العديد من جنود الاحتلال في شباك المقاومة بسبب قلة خبرتهم في الحرب داخل الأنفاق.
الثاني: الخوف على رهائنهم لدى المقاومة من الموت.
ومع ذلك بدأ الاحتلال في التفكير في إغراق بعض الأنفاق بمياه البحر لتدميرها، على الرغم من تصريحات مسؤولون إسرائيليون عن تخوفهم من فشل الخطة، إلا أنهم أبلغوا الولايات المتحدة أنهم حريصون على تنفيذها في الأنفاق التي يعتقدون أنه لا يوجد بداخلها رهائن لبيان مدى جدوى عمليات الإغراق.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في وقت سابق أنه دمر 500 فتحة نفق في غزة وحدد أكثر من 800 آخرين حول القطاع.
كل ما تسعى إليه إسرائيل هو جعل غزة أرض غير قابلة للعيش فيها، بعد محاولاتهم المستمرة لطمس معالم المدينة وتدمير البنية التحتية، وإحداث الإعدامات الميدانية لتصبح أرضا جرداء لا حياة فيها ولا زرع ولا ماء، بعد تحويلها إلى أطلال فوق جثث آلاف الشهداء.
وتقوم إسرائيل بإغراق الأنفاق عبر مضخات ضخمة على شاطئ البحر رغم تحذيرات خبراء البيئة أن هذه العملية ستجعل القطاع منطقة غير قابلة للعيش فيها مائة عام، ووصفوا العملية بأنها صعبة لكنها ليست مستحيلة.
باختصار.. إغراق أنفاق غزة ليس بالأمر اليسير وسوف تواجهه العديد من التحديات، فهل هذه الأنفاق متصلة؟ بمعنى أنها شبكة واحدة ممتدة سوف تتدفق خلالها المياه بدون حواجز حتى تقضي عليها. الأمر الأخر يتعلق بطبيعة أرضية الأنفاق هل هي رملية أم أسمنتية.
الأمر الثالث، هل هذه الأنفاق عند تأسيسها روعي فيها عمل فتحات للصرف للتخلص من مياه الأمطار مثلا، أو محاولات الإغراق الشبيه تحت أي ظرف من الظروف.
كشف خبير البيئة الفلسطيني عبد الرحمن التميمي مدير مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين، أن إسرائيل بحاجة إلى 40 يوما لإغراق الأنفاق التي يصل طولها إلى 450 كيلو متر حسب ما هو متعارف عليه.
تبقى كلمة.. إذا نجحت إسرائيل في مخططها التدميري فسوف تحدث العديد من الكوارث البيئية للقطاع تتمثل في تلوث المياه الجوفية، وسوف يؤدي تراكم الملح إلى قتل التربة، ويؤدي ذوبان الملح إلى انهيارات التربة والتي تؤدي بدورها إلى هدم آلاف المنازل في القطاع ذات الكثافة السكانية العالية.
المخطط في نهايته يؤدي إلى أن تصبح غزة كلها منطقة طاردة للسكان، فيحدث التهجير الطوعي ليحقق اليهود وحلفائهم النصر، وتبدأ إسرائيل أولى خطواتها في تحقيق الحلم المنشود.