في زمن تتسارع فيه تحولات الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة كنموذج عربي متفرد يسابق الزمن، ويحول التكنولوجيا من أداة إلى شريك حقيقي في صنع القرار.
فعلى وقع طفرة عالمية غير مسبوقة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، اتخذت الإمارات موقع الصدارة في هذا السباق، حيث ينمو فيها هذا القطاع الحيوي بوتيرة “صاروخية”، مدفوعًا برؤية استراتيجية مبكرة جعلت من الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من منظومة الحكم والإدارة.
الخبير في الذكاء الاصطناعي والإعلام الرقمي، محمد علاء، أكد في تصريحات صحفية أن الإمارات كانت من أوائل الدول التي استوعبت مبكرًا التحول العميق الذي تقوده تقنيات الذكاء الاصطناعي. وقال:
“تعاملت الإمارات مع الذكاء الاصطناعي كقوة محورية لا غنى عنها، ودمجته في قلب مؤسسات الدولة، بقيادة الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم أبوظبي ومستشار الأمن الوطني”.
وأضاف علاء:“في الوقت الذي لا يزال فيه العالم يناقش جدوى الذكاء الاصطناعي، بات في الإمارات واقعًا فعليًا يُوظف داخل البنية الحكومية، ويُستخدم لتقديم التحليلات المتعمقة، وتوقّع السيناريوهات، ودعم صانع القرار في اتخاذ قرارات دقيقة وفي الوقت المناسب”.
ووصف الخبير المرحلة الحالية بأنها “لحظة فاصلة” في العلاقة بين التكنولوجيا والحكم الرشيد، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي تجاوز كونه أداة للبحث أو المساعدة التقنية، ليصبح “مرجعًا رئيسيًا” في صناعة السياسات.
كما أشار إلى أن أدوات الذكاء الاصطناعي لم تعد محصورة في نطاق المختبرات أو المؤسسات الكبرى، بل تسللت إلى تفاصيل الحياة اليومية، لتشكل جزءًا من واقع الناس.
ولفت علاء إلى أن استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، التي أُطلقت في عام 2017، كانت من أولى الرؤى الحكومية عالميًا التي هدفت إلى دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف الخدمات العامة، مع هدف طموح بالوصول إلى نسبة استخدام 100% بحلول عام 2031.
ومن بين الخطوات الرائدة التي اتخذتها الدولة في هذا السياق:
• تعيين أول وزير دولة للذكاء الاصطناعي في العالم.
• تأسيس شركة G42 المتخصصة في تقنيات الذكاء الاصطناعي بقيادة الشيخ طحنون بن زايد، والتي كشفت مؤخرًا عن أول خوذة ذكية تعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي.
• إنشاء جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي عام 2019، كأول جامعة للدراسات العليا المتخصصة في هذا المجال على مستوى العالم.
ورغم ريادة الإمارات، أشار محمد علاء إلى أن عددًا من الدول العربية بدأت تتحرك بخطى متسارعة نحو تعزيز حضور الذكاء الاصطناعي في قطاعاتها الحيوية، وعلى رأسها مصر.
وأوضح أن مصر أطلقت استراتيجيتها الوطنية للذكاء الاصطناعي عام 2021، وتعاونت مع منظمة اليونسكو، كما دشّنت برامج تدريبية موسّعة، مع تركيز واضح على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات الصحة، والتعليم، والزراعة، والخدمات.
واختتم علاء تصريحاته بالتأكيد على أن “المعركة الحقيقية في السنوات القادمة لن تكون على الموارد التقليدية، بل على امتلاك أدوات المستقبل، والذكاء الاصطناعي هو بوابة هذا المستقبل”.