لاحظ عدد من المزارعين المصريين نشاط غير معتاد لآفة الطماطم، المعروفة علميًا باسم “توتا أبسلوتا Tuta absoluta”، أو سوسة الطماطم، والتي تهدد أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية وهو الطماطم، كون هذه الآفة قادرة على إتلاف الثمار بسرعة فائقة بمجرد “ثقبها”، مما سيتسبب في خسائر فادحة تهدد بتدهور جودة المحصول وتقليص كميات المعروض في الأسواق.
ويأتي هذا الهجوم الضاري للآفة في توقيت حرج يتزامن مع “فاصل العروات” الزراعية، مما يضاعف من تأثير الأزمة، حيث أن استمرار نشاطها يلوح بنقص كبير في الإمدادات، وهو ما قد يدفع بأسعار الكيلو إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تشير تحذيرات المزارعين إلى ملاحظة سلوك غير معتاد للآفة حيث استمرت في نشاطها وشراستها حتى بعد انخفاض درجات الحرارة، مما يثير تساؤلات حول تحورها المحتمل بسبب التغيرات المناخية.
وتتركز تحذيرات المزارعين على عاملين أساسيين يفاقمان المشكلة: الانفلات التام في سوق المبيدات وانتشار الأنواع “المغشوشة” غير الفعالة، وغياب التدخل الحكومي العاجل والمتابعة الميدانية لتوفير حلول مكافحة موثوقة. هذه العوامل مجتمعة تضع القطاع الزراعي أمام مفترق طرق يتطلب تحركًا فوريًا لإنقاذ الموسم والحد من الخسائر الاقتصادية التي قد تصل إلى ملايين الدولارات سنويًا.
يقول المهندس الزراعي أحمد الكومي الرئيس التنفيذي لشركة ماما إفريقيا للاستثمار والتنمية الزراعية، إن هناك أزمة حقيقية تضرب محصول الطماطم في مصر، مشيرًا إلى تفاقم هجوم “سوسة الطماطم” التي يُطلق عليها علميًا Tuta absoluta، بشكل أكثر شراسة من المعتاد.
وأوضح الكومي أن المثير للدهشة هو أن هذه السوسة غالبًا ما تنتشر في درجات الحرارة المرتفعة، إلا أنها ما تزال نشطة وتُلحق أضرارًا جسيمة بالمحصول الآن، حتى بعد انتهاء فصل الحرارة وبدء انخفاض درجات الحرارة وزيادة البرودة والصقيع. ويرى الكومي أن هذا السلوك الغريب قد يشير إلى تعرض الآفة لتحور شديد نتيجة للتغيرات المناخية، بجانب الإهمال في مواجهة هذه الآفات.
تهديد بارتفاع سعر الكيلو إلى 20 جنيهًا
أكد المهندس الكومي أن الآفة تتسبب في خسائر فادحة حيث تقوم بـ “ثقب” الثمرة فورًا، مما يتسبب في إتلافها بالكامل. وتأتي هذه الأزمة في وقت حرج يتزامن مع “فاصل العروات” الزراعية، مما يعني أن استمرار الهجوم سيؤدي حتمًا إلى نقص شديد وكبير جدًا في المعروض من الطماطم في الأسواق خلال الفترة القادمة، محذرًا من أن هذا النقص قد يدفع بسعر كيلو الطماطم إلى تجاوز الـ 20 جنيهًا بسهولة.
وذكر أن المساحة المنزرعة بالطماطم في مصر تبلغ حوالي 365 ألف فدان، تنتج سنويًا ما يقرب من 6.7 مليون طن، مشيرًا إلى أن الطماطم هي المحصول رقم 9 في الصادرات المصرية، وأن الصادرات من الطماطم المجففة تتجاوز حاليًا 100 مليون دولار سنويًا.

المبيدات المغشوشة وغياب الرقابة: الأسباب الجذرية للأزمة
حمَّل الكومي مسؤولية تفاقم الأزمة لسببين رئيسيين، يأتي في مقدمتهما انتشار المبيدات المغشوشة التي تملأ الأسواق، مشددًا على أن هذا هو السبب الرئيسي والأول في الموضوع.
وأشار إلى أن هناك انفلاتًا تامًا في سوق المبيدات داخل مصر، ولا توجد سيطرة فعالة عليه، لافتًا إلى أن التغيرات المناخية ساهمت في حدوث التحور الذي زاد من شراسة سوسة الطماطم.
مطالب فورية لوزارة الزراعة للتدخل السريع
وجه المهندس أحمد الكومي نداءً إلى وزارة الزراعة، مطالبًا بسرعة التحرك الفوري لمواجهة هذه الكارثة، والتي تكاد تخرج عن السيطرة. وتتركز مطالبه في توفير مبيدات فعالة وموثوقة بكميات كافية للنزول إلى الأرض والسيطرة على الموقف ميدانيًا،
كما طالب بضرورة تشديد الرقابة على سوق المبيدات، وأن يتدخل الإرشاد الزراعي بشكل فعال مع المتابعة الميدانية من قِبَل الوزارة، مؤكدًا أن هناك مشكلة كبيرة قائمة يعاني منها المزارعون بشدة، ولا يتم الحديث عنها من قِبل المسؤولين.









