شهدت الجلسة النقاشية الأولى لقمة مصر للسيارات الكهربائية، المنعقدة تحت رعاية رئاسة مجلس الوزراء، حواراً استراتيجياً رفيع المستوى رسم ملامح التحول الوطني نحو الطاقة النظيفة، حيث تجسدت الرؤية الطموحة في تضافر جهود الوزارات والهيئات الوطنية مع كبرى الشركات العالمية لرسم خارطة طريق متكاملة تضع مصر على قائمة الدول الرائدة في هذا القطاع الحيوي.
وقد كشفت المناقشات عن مؤشرات رقمية واعدة تعكس تسارع وتيرة الإقبال الشعبي، إذ وصل حجم الأسطول الكهربائي في مصر إلى نحو واحد وعشرين ألف سيارة، مع تسجيل قفزة ملحوظة في تراخيص السيارات الجديدة خلال الربع الأخير من عام ألفين وخمسة وعشرين، مما يبرهن على أن السوق المصري لم يعد في مرحلة الاستكشاف بل انتقل فعلياً إلى مرحلة النمو المتسارع والطلب الحقيقي.
وفي سياق تعزيز قدرات التصنيع المحلي، أكد الخبراء المشاركون أن الدولة المصرية انتقلت من مرحلة وضع الاستراتيجيات إلى مرحلة التنفيذ الفعلي، حيث تستعد المصانع الوطنية لإنتاج الدفعات الأولى من السيارات الكهربائية المطورة محلياً بالتعاون مع شركاء دوليين مثل شركة نيسان، مع توقعات بحدوث طفرة إنتاجية كبرى مطلع عام ألفين وستة وعشرين.
ويرتبط هذا التوجه الصناعي بضرورة بناء ثقة المستهلك من خلال معالجة التحديات التقنية المرتبطة بمدى البطاريات وأماكن الشحن، مع التأكيد على أن السيارة الكهربائية تمثل منتجاً تكنولوجياً متطوراً يتطلب وعياً طبيعياً بطبيعة قيمتها السوقية التي تختلف عن السيارات التقليدية، إذ تتركز قيمتها المضافة في خفض الانبعاثات الكربونية وتقليل التكلفة التشغيلية طويلة الأمد.
وعلى صعيد البنية التحتية والتشريعات، أجمع المتحدثون من شركات “فولفو” و”لينك آند كو” وخبراء الشحن الكهربائي على أن التوسع الحقيقي في السوق مرهون بإرساء منظومة متكاملة من محطات الشحن تغطي كافة الطرق الحيوية والمناطق السكنية والسياحية.
وطالب المشاركون بضرورة إصدار تشريعات ملزمة للمنشآت الكبرى والمجمعات العمرانية لتوفير نقاط شحن كهربائية، وتسهيل إجراءات التراخيص لجذب الاستثمارات الخاصة في هذا القطاع. كما تم استعراض أهمية الربط بين الجودة الأوروبية في التصنيع والمرونة الصينية في التطوير، مع التشديد على أن توفير مراكز صيانة متخصصة وخدمات دعم فني متطورة يمثل الركيزة الأساسية لضمان تجربة مستخدم آمنة ومستدامة تشجع المترددين على اتخاذ قرار التحول نحو النقل الأخضر.
وفي إطار الدعم اللوجستي والتمويلي، برز دور القطاع المصرفي كشريك استراتيجي في هذه النهضة، حيث استعرض بنك أبوظبي الأول وبنك قناة السويس نماذج رائدة للتمويل المرن الذي يتيح لشرائح واسعة من الأفراد والشركات امتلاك سيارات كهربائية عبر خطط تقسيط طويلة الأمد وإجراءات موافقة فورية.
ولم يقتصر دور البنوك على التمويل فحسب، بل امتد لتقديم القدوة المؤسسية من خلال تحويل أساطيلها الخاصة إلى سيارات كهربائية بالكامل وإنشاء محطات شحن ذاتية داخل فروعها. وتخلص مخرجات القمة إلى أن تكامل الأدوار بين السياسات الحكومية الداعمة، والاستثمارات الخاصة الجريئة، والوعي الاستهلاكي المتنامي، سيحول مصر في القريب العاجل إلى مركز إقليمي لصناعة وتداول السيارات الكهربائية، بما يحقق أهداف التنمية المستدامة “رؤية مصر ألفين وثلاثين”.








