سجلت الدكتورة أميرة صابر، عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، اعتراضاً تاماً وجوهرياً على مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون الكهرباء رقم 87 لسنة 2015، مؤكدة أن “التشريع الرشيد لا يقوم على الانفعال بل على العدالة العقابية ومبدأ التناسب”.
فلسفة الاعتراض: القانون كأداة اجتماعية وليس “عقاباً مجرداً”
وفي كلمتها خلال الجلسة العامة لمجلس الشيوخ في مفتتح الفصل التشريعي، أوضحت صابر أن اعتراضها ليس على مبدأ حماية المرفق العام، بل على اتجاه التعديلات نحو تغليظ العقوبات ورفع قيم الغرامات بشكل “طفروي” دون الاستناد إلى بيانات ومعلومات موضوعية تثبت الضرورة أو تضمن تحقيق الردع.
واستشهدت صابر برؤية الفقيه “أهرينج”، مؤكدة أن القانون وسيلة لتحقيق مقصد وحماية مصالح، وأن جودته لا تُقاس بقسوة العقوبة بل بقدرته العملية على منع الظاهرة، محذرة من أن التشديد المفرط قد يقع عبؤه على الفئات الأضعف دون إغلاق المنبع الحقيقي لسرقات التيار.
أوجه الاعتراض الثلاثة: غياب البيانات.. غياب التناسب.. غياب التقنية
لخصت نائبة التنسيقية أسباب رفضها لمشروع القانون في ثلاثة محاور رئيسية:
1. غياب الأساس المعلوماتي:
وجهت صابر تساؤلات حادة للحكومة: “أين تقع الاستيلاءات الأكثر؟ ولماذا تقع؟”، مطالبة بتقديم خريطة جغرافية تفصيلية وتحليل دقيق للأسباب (اقتصادية، اجتماعية، تقنية) قبل الارتكان إلى خيار العقاب.
2. خلل “العدالة التناسبية”:
انتقدت عضو مجلس الشيوخ رفع الحد الأدنى للغرامة إلى 100 ألف جنيه دون تمييز، معتبرة أن مساواة “المستولي التجاري والصناعي” الذي يحقق أرباحاً بالملايين بـ “المستولي المنزلي” البسيط هو “إجحاف قانوني” لا يراعي نسب الفقر وقاعدة الهشاشة المالية، بل وقد يدفع القضاة للارتكان إلى “الرأفة” لإحساسهم بعدم التناسب، مما يؤدي لإفلات الجناة من العقوبة.
3. الأولوية للحلول التقنية (التجارب الدولية):
استعرضت النائبة أميرة صابر نماذج دولية مقارنة؛ حيث أشارت إلى أن التجربة البرازيلية أثبتت أن مواجهة الخسائر تحتاج تنسيقاً وجهات رقابية، بينما أظهرت التجربة الهندية أن التغليظ لم يمنع الخسائر، مما دفعها للتحول نحو “العدادات الذكية” مسبقة الدفع.
دعوة للتحول الرقمي في الردع
واختتمت الدكتورة أميرة صابر كلمتها بالتأكيد على أن مصر تمتلك “كنزاً من البيانات” يجب استغلاله عبر التكنولوجيا الحديثة والتحليلات اللحظية والإنذارات المبكرة لكشف العبث، بدلاً من الاستمرار في السياسات التقليدية لتغليظ العقوبات. وقالت: “ليس من اللائق الاستمرار في نهج لا يتناسب مع التطور التكنولوجي للدولة المصرية وقدرتها على منع الهدر والاستيلاءات بشكل استباقي”.







