الوضع المتأزم في الشرق الأوسط لا يبشر بالخير، وإنما ينذر بعواقب وخيمة قد تشعل حرب شاملة في المنطقة تنبأ بحرب عالمية ثالثة شاملة نتائجها بالطبع ستكون كارثية، وربما غيرت خارطة المنطقة كلها، وأدخلت العالم أجمع في دوامة الصراعات التي لا نهاية لها، وبالطبع ستكون منطقة الشرق الأوسط هي المتضرر الأكبر وسوف تدفع الأجيال القادمة فاتورة لا طاقة لها بها.
النظرة إلى المستقبل ليست تشاؤمية، بل هي نظرة واقعية تركز على الواقع الأليم الذي وصل إليه حال وطننا العربي الممزق الأوصال، وتكفي نظرة سريعة على العراق وسوريا ولبنان وفلسطين وليبيا والسودان واليمن، وما آل إليه الحال في هذه البلدان من صراعات وحروب داخلية وانقسامات وانشقاقات زرعها المستعمرون الجدد لتصل تلك الدول إلى حالة مروعة من الفوضى والحروب المستمرة التي تزيدها ضعفا وهوانا.
وجاءت الحرب على غزة في إطار ذلك المخطط الاستعماري العنصري الذي يستهدف ما تبقى من الخريطة المهلهلة، ولم يستمع أحد لصوت العقل المصري منذ اللحظات الأولى لانطلاق المعارك بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وتخوفات القاهرة من انتقال بؤر الصراع إلى دول أخرى بالمنطقة، وحدث ما حذرت منه لتمتد الحرب من غزة إلى لبنان واليمن.
المجتمع الدولي الذي يراهن عليه العرب وقف صامتا مشاهدا المذابح والمجازر وجرائم الحرب الإسرائيلية ضد الأشقاء الفلسطينيين «أون لاين» وما أسفرت عنه من هولوكوست إنساني ضد القيم والأخلاق والقوانين الدولية.
وجاءت أكاذيب إسرائيل ومزاعمها ضد مصر باتهامها بتجويع الفلسطينيين مؤشرا للتبجح الإسرائيلي المتناهي، فالمحتل يتنفس كذبا، متناسيا أن فلسطين قضية استراتيجية للمصريين منذ أكثر من 7 عقود، وأن مصر لم تتوانى لحظة في الدفاع عن القضية وتوصيل المساعدات الإنسانية في قوافل ممتدة بلا انقطاع عبر معبر رفح، وأن التهديدات المتواصلة بقصف هذه القوافل بعد عبورها وتدميرها ووضع العراقيل لعدم وصول هذه المساعدات للأشقاء بهدف تنفيذ مخططها في التهجير.
صاحب العقل يميز كيف تصل المساعدات للداخل الذي دمر تماما في حرب الإبادة المتواصلة جوا وبحرا وبرا على مدار الساعة، والذي تسبب في تدمير الطرق والبنية التحتية بالكامل وأغلق الطرقات بالأنقاض وملأ الشوارع بجثث الشهداء واستهدف سيارات الإغاثة والإسعاف والمستشفيات وأماكن الإيواء وحول القطاع إلى أكبر مقبرة مفتوحة في التاريخ.
جرائم الحرب التي ارتكبها اليهود في غزة موثقة، ولا ندري كيف يدافع أصحاب العقول الخربة عن محتل غاصب بكل هذه القوة؟، إلا لأن ذلك المخطط متفق عليه ونأمل ألا تكون جعبة الاتفاق تحمل بداخلها مفاجآت مفجعة أكثر من ذلك، وربما كشفت الأيام القادمة عن العديد منها، فوتيرة التطورات المتسارعة تنذر بقرب قدوم الزلزال.
المتغطرس اليهودي نتنياهو دراكولا العصر، قال في مؤتمر صحفي تعقيبا على الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد حرب الإبادة في غزة «أن محكمة العدل الدولية في لاهاي هي حضيض أخلاقي في تاريخ الأمم»، مضيفا «يا للعار.. يا للوقاحة.. لا لاهاي ولا غيرها سيوقفنا»، والأخطر في تصريحاته هي الرسالة التي وجهها لوزير الخارجية الأمريكي قائلا: «قلت لبلينكن إن هذه الحرب ليست حربنا فقط بل هي حربكم أيضا، وهي حرب ضد محور الشر».
باختصار.. مخطط إشعال الشرق الأوسط وتهديد استقرار المنطقة يحتاج إلى اليقظة لتلك المخططات الصهيونية الطامحة إلى تحقيق الحلم اليهودي المزعوم تجاه الوطن الأكبر، وذلك عبر تكتل عربي وإسلامي عاجل يحفظ لبلادنا هيبتها ولحدودنا قوتها في مواجهة أحلام اليهود التوسعية.
تبقى كلمة.. أصدرت الأمم المتحدة تقريرا حاسما يرد على مزاعم اليهود تجاه مصر فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية إلى الأشقاء في غزة، أكدت خلاله أن منع إسرائيل دخول المساعدات إلى شمال غزة أدي إلى وصول 21% فقط من جميع الإمدادات المخطط لها من الغذاء والمياه والأدوية.
وشدد أحدث تقرير صادر عن المكتب الأممي للشئون الإنسانية أن إسرائيل فرضت قيودا حازمة على بعثات المؤسسات الإنسانية إلى شمال غزة منذ بداية العام الجديد.. جريمة اليهود في غزة موثقة والأدلة كاشفة، لكننا أصبحنا في عالم لا مكان فيه للضعفاء.