يواصل الاحتلال الإسرائيلي ممارساته الاستفزازية بحق الغزيين متجاهلا الحراك الدولي تجاه ما يحدث من جرائم حرب في القطاع، وكأن الأمر لا يعنيه في شيء على طريقة «قولوا ما تشاؤون ونحن سنفعل ما نريد»، ويزيد من وتيرته الاستعمارية في محاولة من جانبه لتحقيق أهدافه المزعومة الـ115 يوما حتى الآن.
كشف موقع «إكسيوس» الأمريكي الأول من أمس الأحد، أن 12 وزيرا إسرائيليا معظمهم من حزب الليكود المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو شاركوا في مؤتمر الاستيطان في غزة وتهجير الفلسطينيين من القطاع، حيث طالب إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي خلال المؤتمر بعودة الاستيطان إلى قطاع غزة وضرورة فرض إسرائيل سيطرتها على الأرض وتشجيع الهجرة إليها وتشريعها قانون الموت للمخربين والعمل على تشجيع أهل غزة على مغادرتها.
والأهم من ذلك هو ما ادعاه بن غفير خلال المؤتمر أن هذه الأرض – غزة – تعود لهم وستظل كذلك إلى الأبد وعلى الحكومة الإسرائيلية اتخاذ القرارات اللازمة من أجل ذلك.
ورغم نظرة التفاؤل التي أبداها البعض من قرار محكمة العدل الدولية، فإن الحقيقة تؤكد أن تلك القرارات بالنسبة لإسرائيل والعدم سواء، وأنها لا ترى منها إلا قرار واحد يتعلق بضرورة إفراج حماس على الرهائن الإسرائيليين لديها، ولا يعيرون انتباها لبقية القرارات والإجراءات الفورية وكأنها غير موجودة.
الدليل على ذلك لا يحتاج إلى جهود لإثباته، فقد ارتكب الاحتلال خلال الـ48 ساعة اللاحقة لقرار المحكمة الدولية وفقا للمكتب الإعلامي لغزة يوم الأحد الماضي، 38 مجزرة راح ضحيتها 350 شهيدا في خان يونس، كما قام بتنفيذ جرائم إعدام ميداني بحق الفلسطينيين ما يؤكد ارتكابه جرائم إبادة جماعية جديدة وتطهير عرقي بشكل واضح في تحد سافر لمحكمة العدل الدولية بل وللعالم أجمع.
وحال جيش الاحتلال على مرأى ومسمع من العالم بين الطواقم الطبية وطواقم الدفاع المدني والطوارئ من الوصول إلى عشرات الشهداء الملقاة جثامينهم في الشوارع والطرقات عرضة للحيوانات الضالة بالمخالفة لكافة الشرائع السماوية والقوانين الدولية والإنسانية في جرائم جديدة تضاف إلى سجل إسرائيل الحالك السواد في الإبادة الجماعية.
هذه الجرائم الإنسانية لا تتحملها إسرائيل وحدها، بل يتحملها معها الراعي الأمريكي للإرهاب في الشرق الأوسط، والدول الكبرى الـ9 التي أوقفت دعمها للأونروا لتضيق الخناق على الغزيين ومحاولة التخلص منهم بأسرع وقت عن طريق استخدام سلاح التجويع ليقضي على من فر بعمره من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة المحرمة دوليا، فهؤلاء أعطوا لإسرائيل ضواء أخضر وتصريحا مفتوحا بالقتل والتدمير والإرهاب.
وارتفعت وتيرة دوران عداد الشهداء الفلسطينيين وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية – الأحد – حيث ارتفعت حصيلة الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة إلى 26422 شهيدا و65087 مصابا منذ السابع من أكتوبر الماضي، والأرقام قابلة للزيادة بصورة كبيرة خلال الأيام بل الساعات المقبلة.
من جانبه أكد رئيس وزراء الاحتلال أن «الحرب في غزة تتقدم بشكل أفضل من المتوقع»، وقال في مقابلة مع صحيفة «وول ستريت جرنال» أن تحقيق الأهداف في الحرب سوف يستغرق عدة أشهر، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة استغرقت 9 أشهر لتدمير الموصل العراقية التي تعد أصغر من غزة ولم تكن بها أنفاق.
باختصار.. إسرائيل مستمرة في القتل والتدمير ولا سقف ولا حدود لديها، ولن يوقفها الصريخ والعويل والتنديد، ولا حتى قرارات المحكمة الدولية فيما تعتزم فعله في غزة، حتى إذا تحولت قرارات المحكمة إلى مجلس الأمن فإنها تدرك أن الفيتو الأمريكي سيكون لها بالمرصاد وسوف ينزع منها «الدسم» لتصبح بلا جدوى وربما كان في انتظارها أكثر من فيتو في مواجهة العدل الدولية انتصارا للهولوكوست الصهيوني، لذا فإنها تفعل ما تشاء دون خوف.
تبقى كلمة.. اختراق القوانين الإنسانية مسؤولية مشتركة للمجتمع الدولي كله بلا استثناء بما فيه مجلس الأمن، لذا فإن الجميع مطالبون باتخاذ إجراءات وعقوبات رادعة وسريعة تلزم إسرائيل بتنفيذ جميع التدابير المؤقتة الواردة في أمر محكمة العدل الدولية والوقف الفوري لحرب الإبادة التي ترتكبها في حق الشعب الفلسطيني.
قرار بعض الدول بتعليق تمويل الأونروا في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها الأشقاء في غزة يعظم الكارثة الإنسانية التي يعيشها الغزيين ويفاقم معاناة الشعب الفلسطيني، ويعد وصمة عار على جبين العمل الإنساني الدولي، وتحد سافر لقرار محكمة العدل الدولية.. اللوبي الصهيوني حول العالم ينشط بقوة مستغل الضعف والهوان الذي أصاب الأمتين الإسلامية والعربية.