انحطاط فكري وثقافي وحضاري، تشهده فعاليات أولمبياد باريس 2024، حيث ظهر أمام العالم تنمر وتطرف فرنسا في تنظيم فعالياتها، أمام مرأى ومسمع العالم، بتجسيد العشاء الأخير من قبل المتحولين جنسيا، في فقرة من فقرات هذا دورة الألعاب الاولمبية المقامة في فرنسا، وهذه الإساءة الكبيرة للسيد المسيح، كما كانت الإساءة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام من قبل بدعوى حرية الرأي والتعبير، ولا أعرف ما علاقة دورة ألعاب بهذا المسخ المقدم؟.
إن تاريخ فرنسا حافل بازدراء الأديان، والإساءة للرموز الدينية، جرائم، وحقيقة لم أعلم ماذا سيربح الفرنسيون من هذا الجُرم؟، ومن سيحاسبهم على هذا الإرهاب الفكري بدعوى حرية الرأي والتعبير البعيدة كل البعد عن كافة القيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية وكذلك القانونية.
على الرغم من أن المجتمع الغربي لا يقبل إهانة الرموز والقادة والزعماء، إلا أنهم يجدون في الإساءة للرموز الدينية وعلى رأسهم الأنبياء والرسل وكذلك ازدراء الأديان حرية رأي وتعبير، وبث الكراهية التي تصل إلى حد الإرهاب الفكري والمجتمعي والإرهاب القاتل، ولا أعرف أين ذهبت مبادئ الثورة الفرنسية واحترام الآخر، لربما كان فقدانهم للمصداقية وكيلهم بمكيالين، وربما لكن ضعف هؤلاء المُساء إليهم.
اعتاد الفرنسيون وتحت رعاية ومرأى الحكومة والحكم ازدراء الدين الإسلامي والمساس بأقدس ما عند المسلمين، ومواصلة نشر الرسوم المسيئة لنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، وهو ما يُعد من صميم الاعتداء على السامية في جوهرها، ولا يمكن لأحد أن ينكر السلالات البشرية التي ينتمي إليها العرب والمتجدرة في أعماق تاريخ، يشهد على نسبهم “لسام” ابن نوح عليه السلام.
ليس هذا فحسب، لكن أيضا في كل عام يُدان آلاف الأشخاص بتُهمة “ازدراء الموظفين العموميين”، وهي جريمة جنائية مُعرَّفة بشكل غامض وطبقتها سلطات إنفاذ القانون والسلطات القضائية بأعداد هائلة لإسكات المعارضة السلمية، ففي إحدى المرات، وجدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن إدانة 11 ناشطاً في فرنسا بسبب قيامهم بحملة لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية تنتهك حقهم في حرية التعبير، وكان كذلك جهود الحكومة الفرنسية على حل الجمعيات وإغلاق المساجد، على أساس مفهوم “التطرف” الغامض. وعلى امتداد حالة الطوارئ، غالباً ما كان مصطلح “التطرف” يُستخدم كناية عن “المسلم المتدين.
الآن لم يصبح الإسلام وحده هو المقصد من التطرف الفرنسي، ومهمة باريس في ازدراء الأديان، لكنه طال أيضا الدين المسيحي، فمن المؤسف أن يشاهد العالم تلك المشاهد في حدث عالمي وعبر الشاشات، حيث تمثيل المثليين – المتحولين جنسيا – لمشهد العشاء الأخير في أولمبياد باريس 2024، استمرارا وتماديا في ازدراء الأديان، وإهانة الرموز المقدسة، لهو دليل قاطع على أزمة ثقافية عميقة لدى الفرنسيين بدعوى حرية التعبير التي لا قيود لها، حرية الرأي والتعبير وفق المنظور الفرنسي في السبت والشتم والضحك والتمثيل والإساءة لمعتقدات الآخر!.
ولعلني أجد في المخطئ أو المذنب هنا ليس الفرنسيون وحدهم أو حكوماتهم وصناع القرار هناك، لكن المشكلة تكمن فيمن يتملكهم الصمت تجاه هذه الجرائم الفكرية التي تحض على الكراهية والحقد تجاه مقدساتهم ورموزهم دون ثورة أو انتفاضة ضد هذا الانحطاط الحضاري والثقافي.
لقد سقط القناع الغربي، فالغرب ليس نصير حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وليس راعٍ من رعاة حرية الرأي والتعبير، ولكن فقط يحتاج لردع قوي من المتضررين خاصة إن كان الأمر يتعلق بالمعتقدات والأمور الدينية، ووقف هذه الممارسات المزعجة والمسيئة والصادمة، من خلال تحرك دولي عاجل.
ولا عزاء للصامتين