نقص العملة الصعبة والمواد الخام وتأخير الشحن وثقافة المواطن برفض البديل إحدى الأسباب
توطين صناعة الدواء الحل الأمثل.. ومصر من أفضل الدول استثمارًا للأدوية
مصر لديها القدرة على أن تصبح دولة بارزة في سوق الدواء ومجال علاج الأورام
تنتج مصر نسبة (92%) من حجم احتياجات السوق من الدواء التقليدي
(1.13) مليار دولار تكلفة استيراد 8% من الدواء غير التقليدي
أجرى الحوار – محمد عيد
يواجه سوق الدواء المصري، خلال الأيام القليلة الماضية، أزمة كبيرة في توفير الأدوية للمرضى، خاصة أصحاب الأمراض المزمنة والأطفال، الأمر الذي أثار حالة من القلق لدى المستهلكين، وأحدث حالة من الارتباك حول أسباب نقص الدواء من السوق المصرية، وما يُثار حول تباين الأسعار بسبب هذا النقص.
في هذا الإطار، أعلنت الحكومة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، جهودها لحل أزمة ملف نقص الأدوية وصناعة الدواء في مصر وضبط الأسعار والعمل على توفير الأدوية والمستلزمات الطبية من خلال توير نحو 7 مليارات جنيه للتعامل مع النواقص في السوق ودعم المستشفيات والصيدليات بها.
النائب إيهاب وهبة رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري في مجلس الشيوخ، في حديثه لـ الصورة الحقيقية، كشف تفاصيل الأزمة وآليات حلها من خلال استراتيجية توطين صناعة الدواء في مصر.
في البداية.. كيف ترى أزمة نقص الأدوية وارتفاع أسعار بعضها في السوق المصري؟
لاشك أن سوق الدواء المصرية يعاني من نقص الأدوية منذ فترة، إذ اختفت بعض الأدوية المهمة للأمراض المزمنة والأمراض النفسية من السوق، الأمر الذي أحدث حالة من الارتباك والقلق بين المواطنين، بعدما بات البحث عن أدويتهم ومستلزماتهم الطبية أمرًا مستعصيًا.
وما سبب هذا الاختفاء ونقص الأدوية من سوق الدواء المصري؟
أسباب نقص الأدوية في سوق الدواء المصري متعددة, وتعود لعدة أسباب أبرزها عدم توافر العملة الصعبة اللازمة لجلب وتوفير المواد الخام، بالإضافة إلى تأخير الشحن تأثرًا بحركة الملاحة، كما أن الأمر له أبعاد أخرى أيضًا تتعلق بالتسعيرة المناسبة والبدائل المطروحة في السوق وثقافة المواطن بعدم استخدام البديل لغياب الثقة أحيانًا أو الإصرار على الالتزام بما وصفه الطبيب، والحديث عن تأثير المادة الفعالة.
لذا أثمن وأشيد بالتأكيد إعلان رئيس الوزراء بتوفير 7 مليارات جنيه للعمل على سرعة توافر الأدوية والمستلزمات الطبية المطلوبة بالمستشفيات والصيدليات، وهو ما يؤكد أن الدولة المصرية تضع صناعة الدواء وتوفير الأدوية على رأس أولوياتها، كونها من أولويات المواطن المصري.
وماذا عن صناعة الدواء في مصر؟
صناعة الدواء في مصر من أنجح الصناعات، إلا أن سوقها الرئيسي هو السوق المحلي وإنتاجها مركز علي إنتاج الأدوية التقليدية التي لا تخلو من عناصر ابتكارية، ومن ثمّ أصبح من الضروري أن تضع مصر استراتيجية حديثة للصناعات الدوائية المصرية للاعتماد علي الذات في توفير هذه الأدوية، محدثة توازن بين التكنولوجيا المشتراة وتلك الممكن تطويرها ذاتيا، والعمل علي توفير الدواء الامن الفعال ذي الجودة العالية و السعر المناسب الذي يجعله في متناول الجميع مع عدم الإخلال باقتصاديات الشركات المنتجة باعتبار الدواء سلعة استراتيجية.
ما حجم إنتاج مصر الدوائي؟
تنتج مصر نسبة (92%) من حجم إحتياجات السوق من الدواء التقليدي يتم إستيراد نسبة (8%) من حجم الأدوية غير التقليدية (الأمصال وأدوية الأورام)، كما تبلغ تكلفة يتم استيراد نسبة الـ (8%) من الدواء غير التقليدي تقدر بمبلغ (1.13) مليار دولار بنسبة (35%) من فاتورة الإستهلاك المخصصة للدواء.
كيف ترى صناعة الدواء في العالم؟
صناعة الدواء من أضخم الصناعات على مستوى العالم، ويُقدر حجم مبيعات الدواء على مستوى العالم عام (2022) يُقدر بنحو (1.45) تريليون دولار، ومن المتوقع أن تصل حجم مبيعات الدواء إلى (1.84) تريليون دولار عام (2026).، موضحًا أن الطلب محلياً وعالمياً على الدواء المثيل / الجنيس ) مما ساعد على نمو الشركات المنتجة للأدوية المثيلة محلياً وعالمياً خاصة في الدول التي تتبنى سياسة التأمين الصحى للمواطنين، حيث تلجأ للدواء الأقل سعراً مع الحفاظ على الجودة والفعالية.
يوجد في الهند (20) ألف مصنع للدواء وتعتبر ثاني أكبر مصدر للدواء لأمريكا ويوجد في المملكة المتحدة (465) مصنع وفى الصين (100) مصنع وفى أستراليا (1350) مصنع بينما في مصر يوجد (170) مصنع مما يدل على أن صناعة الدواء فرصة استثمارية كبيرة تستغلها الدول لتوفير فرص عمل والنمو الاقتصادي.
ماذا تتوقع عن مبيعات الدواء في مصر؟
طبقا لإحصائيات هيئة الصادرات / الواردات ودراسات مجلس الشيوخ، فإنه في عام (2006) بلغ استهلاك سوق الدواء في مصر مبلغ (581.2) مليون دولار، وفي عام (2018) وصل إلى مبلغ (3.93) مليار دولار، وفي عام (2019) ارتفع إلى مبلغ (5) مليار دولار عام (2021) تصاعدت إلى مبلغ (6.5) مليار دولار عام (2022) تزايدت إلى مبلغ (7.67) مليار دولار، وخلال عام (2023) إلى مبلغ (8.9) مليار دولار.
وحول موقف صادرات مصر من الأدوية للدول العربية عام 2021 بالمليار دولار، فبلغت واردات الدول العربية من الأدوية نحو 24.891، في حين بلغت صادرات مصر للدول العربية من الأدوية 0.197، ونسبة صادرات الأدوية المصرية إلى الدول العربية 0.79%، وجاء موقف صادرات مصر من الأدوية للدول الأفريقية بدون الدول العربية عام 2021 بالمليار دولار، بلغت واردات الدول الأفريقية من الأدوية نحو 13.074، وصادرات مصر للدول الأفريقية من الأدوية 0.060، ونسبة صادرات الأدوية المصرية إلى الدول الأفريقية 0.004% – طبقًا لإحصائية هيئة الصادرات والوراردات ودراسات مجلس الشيوخ.
وما الحل المناسب لمواجهة أزمة الدواء في مصر؟
أرى ضرورة دعم توفير المناخ المناسب الذي يدعم توطين صناعة الدواء في مصر والإنتاج المحلي، كونه الحل الأمثل والسبيل الآمن لحل الأزمة، خاصة فيما يتعلق بالأدوية الحيوية المهمة والخاصة بالأمراض المزمنة.
وهناك 4 أهداف لاستراتيجية تنمية توطين صناعة الدواء في مصر، وهي: (إنتاج و توفير الدواء الامن الفعال ذو الجودة العالية و السعر المناسب – توطين صناعة دوائية غير تقليدية تغطي السوق المصري من انتاج الأدوية الغير تقليدية مثل: أدوية الأورام و الأمصال – تقلل فاتورة الاستيراد – زيادة حجم الصادرات الدوائية).
لماذا اخترت مصر لتوطين صناعة الدواء؟
مصر دولة نامية، وبها ضمان الفعالية من حيث التكلفة هو جانب مهم من قطاع الرعاية الصحية في مصر، خاصة بالنسبة لمرضى الأورام، حيث أن علاج حالتهم تكاد تكون باهظة الثمن دائما، مما يجعل مصر واحدة من أفضل الدول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للاستثمار في هذا السوق ولن يقتصر الأمر على مصر فقط، بل ستستهلك دول أفريقية بأكملها بسبب نقص التكنولوجيا والعامل البشري لتطوير مجال الأورام.
فمصر لديها القدرة على أن تصبح دولة بارزة في مجال الأورام، وذلك لامتلاكها القوى العاملة المطلوبة، والبنية التحتية المتنامية، والأمراض المتوطنة والعوامل التي نادرا ما توجد في الدول المتقدمة، لذا فهي فرصة ممتازة للبحث.