إسرائيل أصابها الجنون وباتت تضرب في كل اتجاه على طريقة الثور الهائج، ولا يزيدها لون الدم إلا جنونا، ونظرا لعدم وجود أوراق ضغط كافية في مواجهة فيتو الحليف الأكبر واشنطن وبين مجتمع دولي عاجز عن المواجهة أصبحت الأمور أكثر تعقيدا وتنبأ بكوارث عاجلة وانتقال الصراع إلى بؤر جديدة تهدد استقرار المنطقة بأكملها، بل والعالم أجمع.
الجنون الإسرائيلي في حرب الإبادة التي يستخدمها ضد الفلسطينيين وارتكابه جرائم حرب واختراقه لكل القوانين الدولية، يحتاج إجراءات عاجلة من المجتمع الدولي الذي أصابه الخرس لوقف بحور الدماء في غزة وتنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
الملاحظ أن أمريكا نفسها بدأت تضيق بتصرفات دراكولا العصر «نتنياهو»، صاحب الهولوكوست الإنساني في غزة الأشهر في العصر الحديث.. وأعلن بايدن مساء الثلاثاء، أن إسرائيل بدأت تفقد الدعم بسبب القصف العشوائي على غزة، والمستمر بلا توقف، مطالبا رئيس الحكومة الإسرائيلية بتغير حكومته المتشددة.
لم يكتف بايدن خلال فاعلية لجمع التمويل لحملته الانتخابية في واشنطن بذلك، بل أضاف أن الحكومة الإسرائيلية تعارض حل الدولتين مع الفلسطينيين بالمخالفة لرغبة واشنطن.
بايدن الراعي الرسمي للإرهاب اليهودي في الشرق الأوسط اضطر لمثل هذه الأقوال للاستهلاك الإعلامي، ونظرا لما تعرض له من هجوم شديد في اليوم السابق بسبب دعمه للهجوم الإسرائيلي على غزة أثناء احتفال البيت الأبيض بمناسبة عيد حانوكا اليهودي، أن التزامه تجاه إسرائيل «راسخ».
وتابع بايدن أنه لو لم تكن هناك إسرائيل، لما كان يهودي واحد أمن في العدم.. إذن الموقف الأمريكي بالنسبة لليهود ثابت منذ عقود ولم ولن يتغير وستبقى الحليف الأكبر والداعم بلا حدود، وما يقال غير ذلك فهو كلام للاستهلاك الإعلامي.
من هذا المنطلق ووفقا للثوابت التاريخية فإن التفاوض على مسألة الحرب في غزة أو في أي جانب يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي، يجب أن يكون من خلال واشنطن ووفقا لتعهدات وضوابط تكون طرفا فيها لأنها الوحيدة في العالم التي تملك أوراق ضغط فاعلة على اليهود.
باختصار.. بايدن اضطر لمثل هذه الأقوال خوفا على إسرائيل، ورعبا من المقاومة الفلسطينية التي أثبتت على مدار الأيام الماضية منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، أن حجم قوتها الحقيقية أكبر بكثير من تقديرات الاحتلال، والأهم من ذلك أن الإسرائيليين بدأوا بالفعل يفقدون دعم المجتمع الدولي، كما أنه أدرك أن جنون العملية العسكرية في غزة يدفع بالمنطقة كلها إلى كارثة لا يحمد عقباها، والأخطر من ذلك خوف الرئيس الأمريكي أن تكون حرب غزة نقطة سوداء في الانتخابات الرئاسية المقبلة الأمر الذي يفقده يقذفه خارج البيت الأبيض.
تبقى كلمة.. التضارب في تصريحات الرئيس الأمريكي الذي أعلن من قبل أنه صهيوني وأن دعمه للاحتلال الإسرائيلي مطلق ولا حدود له، وعاد ليحذر الاحتلال من موقفه الضعيف وفقده للدعم الدولي، جعله في موقف لا يحسد عليه والأمور باتت مهيئة الآن لأن تمارس الدول العربية والإسلامية ضغوطا كبيرة على واشنطن لوقف الحرب وإغلاق ملف الصراع الذي استمر لعقود طويلة من أجل استقرار المنطقة وغدا مشرق للأجيال القادمة.. هل يفعلها العرب الآن؟ أم ينتظرون الأمر من فوق عرش بايدن المهزوز؟