مازال عداد الموتى في غزة يواصل قراءاته بارتفاع غير مسبوق، وينذر بكوارث إنسانية وبيئية لأكبر مقبرة مفتوحة في التاريخ، حيث أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة يوم الاثنين ارتفاع حصيلة الشهداء جراء الهجوم الإسرائيلي البربري إلى 19 ألفا و453 شهيدا بالإضافة إلى 52 ألفا و286 مصابا منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي.
والعدد مازال مرشحا للتصاعد بصورة كبيرة نظرا لحالة الهستيريا وعدم الاتزان والاضطراب النفسي والايدي المرتعشة التي أصابت جنود الاحتلال بعد فشلهم الزريع في الوصول إلى أماكن الأسرى والإفراج عنهم.
ويواجه جيش الاحتلال ضغوطا شديدة من الشارع الإسرائيلي الذي بات رافضا للحرب بعدما كشفت وسائل إعلام عبرية أن مسألة الأسرى أفقدت الجبهة الداخلية الإسرائيلية ثقتها في جيشها الذي بات في أضعف حالاته من عدم السيطرة على مقاليد الأمور.
إذا كان الأمر كذلك فما الذي يمنع جيش الاحتلال من العودة إلى ثكناته، والإجابة أن معركة غزة تعد من المعارك الأشرس في تاريخ الكيان، وعودة الجيش بدون تحقيق أهدافه يعد فشلا زريعا، كما أن الاحتلال يطول أمد المعركة خوفا من المحاكمات القاسية لقادته وضغوط أهالي الرهائن.
وزير دفاع الكيان الصهيوني يوآف غالانت، قال الخميس الماضي إن حماس لن تسيطر على قطاع غزة بعد الحرب، وأن تل أبيب تجهز للسيطرة عليه من قبل «كيان دولي» دون أن يحدد مفهوما لهذا الكيان ولا لدوره أو مهمته، الأمر الذي يكشف أحد السيناريوهات المحتملة عقب انتهاء المعركة تحت أي ظرف من الظروف.
وخلال مؤتمر صحفي عقد أول أمس الاثنين، بين وزير الدفاع الإسرائيلي ونظيره الأمريكي لويد أوستن، أن «نشاط الجيش الإسرائيلي ضد قادة حماس في خان يونس يتجاوز مراحل الحرب، وسيستمر حتى تحقيق الهدف في المراحل التالية»، وقال غالانت من المهم أن نرسخ شيئا آخر غير حماس في غزة، ولهذا عقدنا لقاءات مع الأمريكيين بشأن المشاكل التي تحتاج إلى حل في غزة.
ولم يخفٍ غالانت تخطيط الاحتلال للبقاء في غزة قائلا: «قادرين قريبا على التمييز بين المناطق في غزة، وفي كل منطقة نكمل فيها أهدافنا يمكننا العمل على إعادة السكان».
وما قاله وزير الدفاع الأمريكي هو الأخطر الذي يكشف زيف التصريحات المفبركة لراعي الإرهاب في العالم وحامي حمى اليهود «إن إسرائيل ليست وحدها، في الوقت الحزين، فإن الصديق الحقيقي يكون موجود».
وعندما سئل أوستن عن الجدول الزمني لإنهاء الحرب أجاب «لست هنا لتحديد موعد نهائي لإسرائيل»، مؤكدا أن كل عملية عسكرية طويلة لها مراحل، في إشارة منه إلى طول أمد الحرب في غزة.
باختصار.. نقول للقادة العرب والمسلمين الذين يحجون إلى واشنطن أكثر من ذهابهم إلى بيت الله، والذين يراهنون على شرطي العالم الأمريكي، لا تضيعوا أوقاتكم بلا فائدة، فالكفيل الأمريكي عينه فقط على ما تملكه أيديكم ومفاتيح خزائنكم المكدسة في بلاد العم سام.
تبقى كلمة.. وزير الدفاع الأمريكي الذي عقد اجتماعه المشترك مع نظيره الإسرائيلي فوف أرض محتلة وملتهبة وترتكب فيها أبشع جرائم الحرب وتقوم بتدمير متعمد للقانون الإنساني الدولي، لم يلق لكل هذه المجازر طرفة عين، ولم يشجبها أو يدينها، ولم يدعو العالم ليتكتل لوقف نزيفها ووضع حد لها.
الحقيقة أن واشنطن عندما يكون لديها رغبة تتخذ إجراءات فورية وسريعة دون مشاورة أحد، حيث وصف أوستن ما يحدث في باب المندب من قبل الحوثيين بأنها حروب غير مسؤولة وخطيرة وانتهاك للقانون الدولي، معلنا تشكيل قوة متعددة الجنسيات لحماية التجارة في البحر الأحمر وخليج عدن.
السؤال الحائر الذي يبحث عن إجابة من حلفاء أمريكا وأعوان الاحتلال، لماذا لم تتخذ أمريكا إجراء مماثل لوضع حد لمأساة غزة؟! أليس منكم رجل رشيد.