أصدر مركز مسارات للدراسات الاستراتيجية ورقة تقدير موقف بعنوان “الاتفاق الدفاعي السعودي الباكستاني: تراجع مركزية الغرب في معادلات الأمن الإقليمي”، من إعداد الباحث في العلاقات الدولية، محمود حسن.
يسلط التقدير الضوء على الأبعاد الاستراتيجية للاتفاق الدفاعي المشترك الموقع بين السعودية وباكستان في سبتمبر 2025، والذي يعكس تحولات جذرية في مفهوم الأمن الإقليمي. ويشير إلى أن الاتفاق جاء في ظل تراجع الثقة الخليجية في مظلة الحماية الأمريكية، خاصة بعد ردود الفعل الأمريكية المحدودة تجاه الهجمات الإقليمية الأخيرة وتصاعد التهديدات الإسرائيلية التي طالت دولاً غير مشاركة مباشرة في النزاعات.
وبحسب تقدير الموقف، فإن الاتفاق لا يقتصر على التعاون العسكري والتدريبات المشتركة فحسب، بل يشمل دعم القدرات الدفاعية ونقل التكنولوجيا، مع إشارات ضمنية إلى مظلة نووية باكستانية قد تعزز الردع الإقليمي للسعودية دون انتهاك التزاماتها الدولية.
كما يبرز الباحث دلالات أوسع لهذا التحالف، من بينها إمكانية توسيع التحالف ليشمل دولًا إسلامية أخرى مثل مصر وتركيا، في محاولة لإعادة هيكلة النظام الأمني في الشرق الأوسط بعيدًا عن الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، ودعم مفهوم الاستقلال الاستراتيجي للدول الإقليمية.
وأكد الباحث محمود حسن في تقدير الموقف أن الاتفاق الدفاعي السعودي الباكستاني يمكن قراءته كدليل على تراجع مسار التطبيع السعودي مع إسرائيل، في ظل إعادة السعودية ترتيب أولوياتها الأمنية والاستراتيجية بعيدًا عن هيمنة التحالفات التي تشمل إسرائيل. فباكستان، التي لا تعترف بإسرائيل وتعترض على التطبيع، تمثل شريكًا يعكس تحوّلًا نحو تحالفات إقليمية إسلامية مستقلة، مما يعزز الاعتبار للقضية الفلسطينية ضمن حسابات الأمن القومي العربي. كما يعكس الاتفاق تنامي حالة من عدم الثقة المتبادلة بين الرياض وتل أبيب، خاصة مع تصاعد التوترات الأمنية، ما قد يؤجل أو يقلل فرص بناء شراكة أمنية سعودية إسرائيلية في المستقبل القريب.
ويختتم تقدير الموقف بالتأكيد على أن نجاح الاتفاق يعتمد على تفعيل آليات تعاون عسكرية واضحة، وإدارة التحديات المتعلقة بتنوع أنظمة التسليح، وتوازن العلاقات مع القوى الكبرى، خاصة الهند والولايات المتحدة.