بميزان العقل والمنطق، لا بعاطفة الهوى المتقلبة، ما الذي يضيفه مصطلح “الغلابة” إلى كينونة المرشح؟ أو بالأحرى، ما المقصود بها؟ وما هي مميزاتها التي تجعل الناخب يهرول لاختيار من أطلقها على نفسه في مواجهة منافسيه الأغنياء؟
لا شك أن التمثيل البرلماني من حق الجميع، بما فرضه الدستور والقانون والمُشرع، ولا تأويل أو تبديل في ذلك، حتى لا يخرج مقصدي عن سياقه.
ولكني أقف على أعتاب الكلمة نفسها، التي شرع الكثير من المرشحين في التمسح بها في مختلف الدوائر الانتخابية المنتشرة بربوع مصر من أقصاها إلى أقصاها، وكأن فيها حلول سحرية بديلة.
ومن هنا يأتي السؤال الآخر الذي يفتح ألف باب للجدل، هل الطبيعي أن يكون المرشح “غلبان”؟ أم أن يكون “زيّنا”؟ مع مراعاة أن الفرق بين المعنيين لغويا ومجتمعيا وواقعيا أكبر من الكثير، أم أن يكون لديه خطة وبرنامج “واقعي وعقلاني” حتى وإن كان بسيطا، بعيدا عن “هدخل الصرف الصحي وهرصف الطريق”؟ لأن خطة الدولة للتنمية وضعت كل الخدمات في ميزان محدد التوقيت والتنفيذ، فلا حاجة لأن يقدم المرشح نفسه بما سيتم إنشاؤه به أو من غيره، الخطط موضوعة مسبقا ومسطرة ومعروف لدى جهات الدولة المحلية والتنموية خطواتها الحالية والمستقبلية.
إذا فلا معنى لأن يكون المرشح غلبان إذا لم يكن لديه جديد يجذب أبناء دائرته، ولا بأس من أن يكون المرشح غنيا طالما لديه ما يقدمه بمجهوده الخاص – بجانب مجهودات الدولة-، ولا داعي لاتهامات “من أين له هذا؟”، فذاك لا شأن لنا به طالما ظلت أجهزة الدولة الرقابية والإدارية بكامل يقظتها ومتابعتها.
وأخيرا، لا أتمنى أن يعاد إقحام “الغُلب” في انتخابات برلمانية قادمة – لمن قُدّر له العمر – واستبدالها بكلمات أكثر تأدبا مثل “زيكم، ومنكم، وإليكم”، خاصة وأنها لم تؤت ثمارها في أي من الانتخابات، لا الحالية ولا السابقة، إلا ما ندر.









