تحركت أمريكا وبريطانيا بعد شهر ونصف من الهجمات الحوثية على بعض السفن المارة من باب المندب، والتي تحمل علم إسرائيل أو تحمل بضائع في طريقها للاحتلال، حيث شنت غارات على 60 هدفا في 16 موقعا تابعا للحوثيين في اليمن، بدعم من استراليا والبحرين وكندا وهولندا فجر الجمعة، وفقا لبيان القوات الجوية الأمريكية.
الحوثيون شنوا 26 هجوما على سفن تجارية في البحر الأحمر وخليج عدن ردا على حرب إسرائيل ضد غزة، ورد الفريق براد كوبر قائد البحرية الأمريكية بأن الهجمات الأنثى عشر الأخيرة للحوثيين كانت على سفن ليس لها علاقة بإسرائيل.
هجمات الحوثيين أيا كان سببها فهي تعرض حرية الملاحة للخطر في أهم الممرات المائية الأكثر حيوية في العالم، بل وتزيد منطقة الشرق الأوسط توترا وتفتح الباب لتواجد قوات أجنبية في البحر الأحمر لحماية مصالحها والمصالح الدولية.
في الحقيقة أن الحوثيون لم يستجيبوا للتحذيرات المحلية والدولية من خطورة استهدافهم للسفن التي تمر من باب المندب، وبدأت بوادر اشتعال النيران في المنطقة تظهر مع دخول حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن على خط المعارك، فتزايدت المخاوف من اتساع بؤرة الصراع في غزة على مدى أوسع مما ينذر بحرب شاملة.
أمريكا وبريطانيا يستهدفان تحرير ميناء الحديدة الاستراتيجي من سيطرة الحوثيين ودفعهم إلى الداخل بعيدا عن الساحل بهدف تقليص قدراتهم على استهداف السفن في البحر الأحمر.
ويرى خبراء أن الهجوم الأمريكي البريطاني على اليمن قد يأتي بثمار عكسية بالنسبة للمصالحة بين الحوثيين والحكومة اليمنية، وأنه قد يؤدي إلى انهيار عملية السلام في اليمن، ما يعني استهداف الحوثيين مرة أخرى للسعودية والإمارات والقواعد الأمريكية في الخليج عبر الصواريخ والطائرات المسيرة.
الحسابات باتت معقدة بشكل كبير، فالحوثيون أعلنوا أن هجماتهم جاءت تضامنا مع غزة ضد إسرائيل ما يعني أن المؤيدون للهجوم الأمريكي البريطاني سيكونون داعمين لإسرائيل والعكس، الأمر الذي يكشف سبب غياب مصر عن المشاركة في التحالف رغم تضرر حركة الملاحة في قناة السويس، إلا أن الموقف المصري واضح جدا في مسألة حرب غزة وثابت وشدد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤخرا في قمة الأردن، أنه لا سبيل لإنهاء الصراع إلا بحل الدولتين، وأن القضية الفلسطينية استراتيجية للمصريين جميعا.
مصر التي كتب الله عليها أن تحمل على كاهلها قضايا الوطن العربي أكمله على مر العصور، باتت في قلب بؤرة الصراع وسط حدود ملتهبة، اعتبرت أن التطورات الخطيرة والمتسارعة التي تشهدها منطقة جنوب البحر الأحمر واليمن، مؤشراً واضحاً على ما سبق وأن حذرت منه مراراً وتكراراً من مخاطر اتساع رقعة الصراع في المنطقة نتيجة استمرار الاعتداءات الإسرائيلية في قطاع غزة، مؤكدة على حتمية الوقف الشامل لإطلاق النار وإنهاء الحرب القائمة ضد المدنيين الفلسطينيين، لتجنيب المنطقة المزيد من عوامل عدم الاستقرار والصراعات والتهديد للسلم والأمن الدوليين.
باختصار.. الرؤية المصرية بعيدة المدى أعلنتها مصر من قبل بعد انطلاق الحرب في غزة مباشرة مطالبة المجتمع الدولي بضرورة التدخل والضغط على إسرائيل بهدف الوقف الفوري للقتال وحماية الأشقاء الفلسطينيين من حرب الإبادة الشاملة في غزة، واللجوء إلى المفاوضات لإقرار حل الدولتين، وحذرت مصر مرارا من أن استمرار المجازر الإسرائيلية سوف يفتح الباب لنار لا يستطيع أحد إخمادها، وأن بؤرة الصراع سوف تتسع لتهدد استقرار المنطقة بل والعالم أجمع، ومازالت التحذيرات المصرية مستمرة من خروج الأمر عن السيطرة.
تبقى كلمة.. أكاذيب إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية ليست جديدة عليها، وما زعمته أما المحكمة من أن مصر هي المسؤولة عن منع دخول المساعدات إلى غزة، هي أقوال مكذوبة ومنافية للحقيقة والهدف منها محاولة الاحتلال الهروب من الإدانة الدولية عبر إلقاء الاتهامات على مصر، كما أن تصريحات قادة الاحتلال موثقة منذ بدء العدوان بأنه لن يسمحوا بدخول المساعدات للقطاع وخاصة الوقود، بل وصل الأمر إلى التلويح باستهداف شاحنات المساعدات بعد دخولها من معبر رفح.. لكننا نؤكد أن الكاذبون لن ينجوا أبدا من جرائمهم ومجازرهم التي ارتكبوها في حق الغزيين والتي لم يشهد لها التاريخ مثيلا.