دراكولا العصر نتنياهو فقد أعصابه، وبات مهتزا ومترنحا بصورة كبيرة بعكس ما يحاول إظهاره للمحيطين من أنه الأقوى، وأنه سوف يستمر، وأن خطته في غزة تؤتي ثمارها، وكل شيء مدروس تماما، وأن المعركة سوف تحقق أهدافها، وتصبح إسرائيل ملاذا أمنا ليهود العالم، انطلاقا إلى الحلم الأكبر المزعوم من المحيط إلى الخليج.
هذه الأوهام مردود عليها بالحجة والدليل ونبين خلال السطور التالية الأسباب الكامنة وراء الأرض المهتزة التي باتت تزلزل عرش رئيس وزراء الاحتلال.
أولا: نتنياهو في بداية المعركة على غزة قال إن قواتنا ذاهبة في نزهة نقضي خلالها على حركة حماس تماما وتدمير غزة وتهجير الغزيين إلى دول الجوار، وغرته قوته وقوة داعميه، حيث وضع مخطط زمني مدته 15 يوما فقط لإنجاز العملية الحربية بنجاح، ونحن الآن وبعد 108 أيام مازالت إسرائيل في غيها والمقاومة الفلسطينية تزداد قوة والرهائن اليهود في خبر كان.
ثانيا: نتنياهو الذي يدعي القوة والجبروت يحاول تحقيق أي نصر في غزة، وفتح بؤر صراعات جديدة في المنطقة ليهرب من مطاردة المعارضة والجبهة الداخلية وأهالي الرهائن ومطالبتهم له بإنهاء الحرب فورا وتقديمه وقادة الجيش إلى محاكمات عاجلة بسبب الإخفاق في القطاع، علما أن نهاية هذه المحاكمات محسومة وقدما بأنها سوف تقضي في أقل خسائرها على مستقبله السياسي إلى الأبد.
ثالثا: صمود المقاومة الفلسطينية طوال هذه الأيام في مواجهة حرب الإبادة الجماعية والدعم اللامحدود من أمريكا وأوروبا وتصديها لترسانة الأسلحة والحرب جوا وبرا وبحرا، واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا، والرد بقوة وضرب أهداف استراتيجية في قلب تل أبيب، أصاب رئيس وزراء الاحتلال في مقتل، وكشف تقديراته الخاطئة تجاه المقاومة التي أشعلت مسارات المعركة فوق الأرض وتحتها ومازال في جعبتها الكثير وتعمل وفق تكتيكات عسكرية وأنها دربت تدريبا أربك صفوف الاحتلال.
رابعا: ظهور خلاف كبير ومتصاعد بين الحكومة والجيش في إسرائيل، حيث تحمل الحكومة الجيش المسؤولية كاملة عن طوفان الأقصى في 7 أكتوبر وتبرئ نفسها، كما ينتقد وزراء بالحكومة أعضاء لجنة شكلها الجيش للتحقيق في الهجوم الذي تعرضت له إسرائيل، وفي الوقت ذاته الجيش يعارض تعديلات نتنياهو للحد من سلطة القضاء.
خامسا: بدأت الخلافات بين أعضاء الحكومة الإسرائيلية تتسرب إلى العلن، وبات الصراع واضحا داخل مركز صناعة القرار بين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت، والقائد السابق للجيش الإسرائيلي بيني غانيتس، ويدور الصراع المحتدم حول نقطتين جوهريتين وهما ما إذا كانت إسرائيل مطالبة بالتفاوض لإنهاء الصراع وتحرير الرهائن، والنقطة الثانية والأهم من يحكم القطاع المنكوب بعد انتهاء العرب.
سادسا: مع تصاعد الضغوط من قبل واشنطن لتخفيف الهجمات على غزة لوقف بحور الدماء استجابة للرأي العالمي الشعبي المتصاعد، خاصة بعد فشل الحكومة الإسرائيلية في مهمتها بالقطاع حتى الآن، فقد نتنياهو أعصابه حتى تجاه بايدن الحليف الأقوى والأبدي لإسرائيل، وبدأ يراهن على عدم استمرار إدارة بايدن في الحكم وبالتالي لن تكون قادرة على اتخاذ أي قرار يؤثر على إسرائيل سلبا، مؤكدا أن فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية المقبلة أمر مستحيل بسبب تدني شعبيته بعد موقفه مؤخرا من حرب غزة، وأن التزام الولايات المتحدة تجاه إسرائيل في حربها على غزة سيبقى مستمرا ولن يتأثر بتغير الإدارة الحالية.
باختصار.. نتنياهو يعيش أسوأ أيامه فقد تراجعت شعبيته بصورة كبيرة لأول مرة في الداخل الإسرائيلي، كما أن خلافاته الحادة مع أعضاء الحكومة وخاصة وزير الدفاع الذي حاول اقتحام مكتبه ظهرت للعلن، وكادت الأوضاع تتدهور نحو شجار بالأيدي، في الوقت ذاته بلغت خلافاته مع بايدن ذروتها وبدأت العلاقات تشهد تدهورا غير مسبوق، كما أنه يواجه ردود أفعال داخلية متصاعدة وصلت إلى دعوات للاعتصام المفتوح أمام منزله خلال الساعات المقبلة اعتراضا على الإخفاق الذي تعرض له الجيش في غزة.
تبقى كلمة.. سيناريوهات الحرب في غزة تسير جميعها في اتجاه انهائها قريبا، ونأمل أن يبقى مصير غزة وإدارتها في أيدي أبنائها دون وصاية يهودية أو غربية تحت أي ظرف من الظروف، وإذا تطلب الأمر مساعدة لبسط الأمن وإعادة الاستقرار في المرحلة الأولي فليكن الحل عربيا، فجراحنا لا تحنو عليها إلا أيدينا.. عاشت فلسطين عربية ودامت عربية أبد الآبدين.