كشفت الدكتورة شيماء سعيد العربي الخبيرة الاقتصادية وعضو بالجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع إن تهديد الملاحة في البحر الأحمر قد يعرقل التعافي الاقتصادي العالمي نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة، وارتفاع التضخم، وتباطؤ النمو، وتراجع معدلات الاستثمار في ظل زيادة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي، وتعطيل حركة التجارة العالمية
وأكدت في دراسة أعدتها عبر مركز فاروس للدراسات الاستراتيجية والمتخصص في الشئون الإفريقية أنه توقع صندوق النقد الدولي عام 2023 أن يتراجع معدل نمو حجم التجارة العالمية (السلع والخدمات) ويصل لنحو 3.5 %عام 2024 مقارنة 5.1% عام 2022، وذلك في ظل العديد من التحديات الأخرى، ومنها أن طريق التجارة العالمي عبر قناة بنما، والذي يُعد شريان رئيسي آخر للتجارة العالمية، يعاني الجفاف الشديد مما أدى إلى تناقص مستويات المياه، مما أدى إلى انخفاض يصل لنحو 36% في إجمالي عمليات العبور عام2023 مقارنة بعام 2022.
وأوضحت الدراسة أن التجارة العالمية قد مر ت بالعديد من التحديات أبرزها اضطراب سلاسل الإمداد نتيجة عدة أزمات كالحرب الروسية الأوكرانية، وكوفيد-19، ومؤخرًا حرب إسرائيل على غزة، وما تبعه من تهديد الحوثيين للملاحة بالبحر الأحمر وهو ما نتناوله بالتحليل.
وذكرت أن اضطراب حركة التجارة الدولية نتيجة التوترات في البحر الأحمر يختلف تأثير ها على الدول وفق لتنوع اقتصادها، ودرجة الاعتماد على خطوط التجارة مع الصين أو آسيا والمتوسط وغيرها فمثلا ” الإمارات تأثرها قد يكون بسيطًا أو معدومًا، فقد واصلت معدلات نموها الارتفاع، ومقدر لها أن تصل إلى نحو 3.8 % عام 2024 كما من المتوقع أن يتراجع التضخم إلى 2.3 %.
وأوضحت الدراسة أن البحر الأحمر واحد من أهم الممرات الملاحية على مستوى العالم يحده الخليج العربي من الشرق والساحل الأفريقي من الغرب، و قناة السويس ومضيق تيران من الشمال ومضيق باب المندب من الجنوب، لموقعه الجغرافي المميز الذي يربط قارات العالم آسيا وأفريقيا وأوروبا ويربط بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي و يمر به نحو 15% من حصة الملاحة العالمية
واختتمت الدراسة إن سلاسل الإمداد تعرضت لعدة أزمات منها وقت جائحة كوفيد-19 حيث تراجعت بشكل كبير، وتتوقع الدراسات المزيد من التحديات أمام سلاسل الإمداد فوفق تقرير اتجاهات سلسلة التوريد عام 2023 والذي يشير إلى احتمالية تقلبات سلاسل التوريد بنسبة تصل لنحو 60% حتى عام 2025، وتؤكد المنظمات العالمية أن الأمن السيبراني سيمثل تحديًا مهمًا لسلاسل التوريد خلال السنوات الثلاث القادمة.
ولفتت أنه يمكن التأكيد على أن عدم الاستقرار الجيوسياسي سيؤثر في أمن حركة الملاحة بشكل كبير حتى بعيدًا عن البحر الأحمر وهو ما يستدعي الإنفاق على تأمينها مما يرفع تكلفة المنتجات، ويصل تبعيته ذلك إلى المستهلك.
ومن ثم نؤكد على أهمية تحقيق الاستقرار السياسي بالشرق الأوسط، لا سيما في غزة وأهمية إنشاء تحالف عسكري وهيئة للسلامة البحرية بين دول البحر الأحمر، وإنشاء مراكز للبحث والإنقاذ البحري؛ لتلافي وقوع أي حوادث تؤثر في حركة الملاحة البحرية أو على البيئة البحرية مع ضرورة التعاون الموسع مع الوكالات والمنظمات البحرية الدولية عبر الاستفادة من الخبرات والتقنيات في مجال سلامة الملاحة البحرية في التدريب والأنظمة الملاحية مع التركيز على تنمية في المناطق الأفريقية المطلة على البحر الأحمر، حيث إن تنمية هذه الدول ستسهم في تعزيز أمن واستقرار البحر الأحمر.