حددت إسرائيل موعد اجتياح جيش الاحتلال برياً لرفح، واحتفظت بتوقيته سراً دون الإعلان عنه وفقاً لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أمس الاثنين، بهدف تدمير الملجأ الأخير للفلسطينيين النازحين إلى الجنوب، دون الالتفات إلى مباحثات السلام الدائرة الآن لرأب الصراع والوصول إلى حلول جذرية في قضية الصراع العربى الإسرائيلي.
المخاوف باتت تتجه إلى تنفيذ إسرائيل للاجتياح الدموي خلال عيد الفطر المبارك، مستغلة في ذلك انشغال المسلمين والعرب في الاحتفالات التي تقام من المحيط إلى الخليج بهذه المناسبة.
إذا استغلت إسرائيل الأعياد، وانشغال العرب والمسلمين في التهام الكعك والبسكويت، عبر عملية مباغتة وفقاً لسياستها في التفاوض على أرض الواقع لتحقيق أكبر المكاسب، فإن الأمر سوف يتحول إلى كارثة إنسانية بكل المقاييس وإلى تسونامي بشري لم يشهد له العالم مثيلاً من قبل.
الاجتياح سيكون أمراً شديد الخطورة وسوف يسفر عن سقوط آلاف الشهداء من الفلسطينيين الذين سبق أن تم إجبارهم على النزوح من شمال غزة وخان يونس إلى رفح، ما يعرض 1.4 مليون فلسطيني إلى الموت في مجازر ومحارق اليهود.
مجلس الأمن الدولي فشل في تنفيذ قراره بوقف الحرب خلال شهر رمضان، واليوم انتهت فاعلية القرار بانتهاء مدته المطلقة دون تحديد موعد محدد للتنفيذ، وبالتالي سوف يفشل كذلك في وقف الاجتياح البري الذي يتوقع حدوثه في أي وقت.
الولايات المتحدة الأمريكية ستبقى الداعم الأول لتل أبيب، ولن تتخلى عنها أبدا مهما كانت الظروف، والذين لا يعرفون طبيعة العلاقات بين الدولتين، نقول لهم إنها علاقات راسخة واستراتيجية منذ تأسيس دولة الاحتلال عام 1948، وهي قائمة على الدعم الأمريكي عسكرياً ومالياً وسياسياً.
أما التوتر الذي يقال إنه موجود حالياً فإنه بين حكومتين بسبب تأثير سلوك حكومة الاحتلال على إدارة بايدن في فترة حرجة وحساسة قبيل الانتخابات الأمريكية، آملة في تحسين موقف بايدن أمام منافسه ترامب، ومحاولة كسب المزيد من أصوات الناخبين الأمريكيين، خاصة أولئك الذين يرفضون حرب الإبادة التي تتعرض لها غزة من قبل الجيش الإسرائيلي.
باختصار.. رفح تحولت إلى صندوق للموت ومصيدة لإنهاء القضية الفلسطينية، وجيش الاحتلال يعمل وفق خطط محكمة موضوعة مسبقاً تحت إشراف أمريكي مباشر ودعم أوروبي وتواطؤ عربي.
ونخشى أن يأتي اليوم الذي لا يستطيع فيه العرب رفع رؤوسهم من تحت الرمال خشية مواجهة الحقيقة المؤلمة، فإغلاق ملف القضية الفلسطينية للأبد يأتي تنفيذاً لانطلاق الحلم اليهودي بالوطن الأكبر، وبداية حقيقية للقضاء على إسلامنا وعروبتنا.
تبقى كلمة.. تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بتحديد الموعد النهائي لاجتياح رفح برياً يأتي هذه المرة ليس كسابقه، ويجب ألا نتعامل معه على أنه قذائف في الهواء لبث الرعب في قلوبنا وتسليم الأشقاء في غزة بنهاية المصير.
ولكنه حقيقة مؤلمة وسوف يحاسب الجميع على الفاتورة، ولن يتغافل التاريخ عن حكاية أمة قوامها 486 مليون عربي فرطت في أرض أولى القبلتين وثالث الحرمين، وسلمت مفاتيح بيت المقدس للذئب اليهودي ليكتب على أبواب القدس: تسلم مفاتيحها الفاروق عمر بن الخطاب عام 16 هجرية، وسلمها أحفاده من الحكام العرب لليهود بعد 1429 عاماً في عام 1445 هجرية.. لا تحدثوا ضجيجاً فالعرب نائمون.