سمعت عشرات الحكايات عن هذا الرجل النبيل قبل أن أكتب عنه؛ الحكايات التي تجعلك تتمنى أن تُسطّرها لتكون عبرة ودرساً في العطاء. أنا لا أكتب عن الشيخ عبد الله حمزة لمجرد أنني أعمل بالصحافة منذ زمن، بل أكتب عنه لأنه يستحق كل كلمة مدح، ولأنني فخور بارتباط اسمي باسمه وسعيد بهذا الشعور الذي يغمرني كلما ذُكر اسمه مقترناً بالخير.
لقد أصبح الشيخ عبد الله واحداً ممن يشار إليهم بالبنان في مجاله. وفي زمنٍ عزّ فيه القدوة، تبرز أسماءٌ اقترنت بالقرآن والخير وخدمة الناس، لتكون مناراتٍ تُذكّرنا بـ “زمن الطيبين”. ومن بين هذه القامات المضيئة يبرز اسم الشيخ عبد الله حمزة، الخطيب بوزارة الأوقاف، الذي لم يكتفِ بواجبه الوظيفي، بل نحت لنفسه مساراً فريداً كواحدٍ من أهم وأميز محفظي القرآن الكريم والمشرفين على خدمة ضيوف بيت الله الحرام.
إمام القراءات وصاحب الصوت العذب
الشيخ عبد الله حمزة ليس مجرد خطيب؛ إنه كنزٌ قرآني يتميز بإتقانه التام للقراءات العشر، مما يجعله مرجعاً ومعلماً يتهافت عليه طلاب العلم. تتلمذ الشيخ على يد والده الكريم، الحاج عبد الغفار حمزة، في مجال خدمة الحجاج وفي ذلك فخرٌ للأب الذي غرس البذرة الصالحة. ويشهد المحبون على أن الشيخ عبد الله لم يتوقف عند حد التعلم، بل قيل عنه إنه تفوّق في هذا المجال حتى على والده، وهذا التفوق يُعد بحق نجاحاً مؤكداً للوالد الذي أهدى الأمة صوتاً يصدح بكلام الله وقلباً ينبض بخدمة دينه.
كما يتميز الشيخ عبد الله بـ صوته العذب الذي يأسر القلوب، خاصةً عند إنشاده ومديحه لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، في فنٍّ يُبرز مدى تعلقه الروحي وفصاحته اللغوية.
يُعدّ البيت هو مهد تعليمه الأول؛ حيث كان والده ووالدته الكريمان في المقام الأول هما الرافد الأساسي الذي علّمه القرآن الكريم وغرس فيه حبّه.
أما رحلته الاحترافية في الحفظ والإتقان، فقد بدأت على يد الشيخ عبد الرحمن عبد السميع أبو النصر، الذي كان له الفضل في تحفيظه القرآن الكريم كاملاً. ولم تتوقف مسيرته عند هذا الحد، بل أكمل حفظ القراءات العشر وأصول التجويد على يد شيخه الفاضل عبد الرحمن إبراهيم بدر، الذي يُعدّ أيضاً صاحب الفضل عليه في إتقان التجويد وجمال وحُسن الصوت. وفي هذا اعترافٌ بالجميل ورسالة تؤكد على أهمية المشايخ وطلب العلم.

خادم الحجاج والمعتمرين: التفاصيل تصنع الفرق
لعل الجانب الأبرز في سيرة الشيخ عبد الله هو تفانيه المطلق في خدمة الحجاج والمعتمرين إلى بيت الله الحرام. فبصفته يتولى مسؤولية الإشراف على الأفواج، تجاوز دوره حدود الإشراف الإداري ليصبح بمثابة الأب الروحي والرفيق الواعي لكل معتمر.
يُعد الشيخ عبد الله نموذجاً لـ “الاحترافية المقترنة بالروحانية”. فبدءاً من تسهيل إجراءات السفر في المطار، مروراً بالوصول إلى الأراضي المقدسة، يحرص على:
الإقامة المميزة: توفير السكن في أرقى الفنادق وأكثرها قرباً وتميزاً من الحرمين الشريفين.
الخدمة الشاملة: لا يعرف الكلل أو الملل في خدمة الجميع، من الصغير قبل الكبير.
الثقافة الدينية: لا تقتصر رحلاته على العبادة فقط، بل يحرص على تقديم شرح مفصل لعدد كبير جداً من المزارات الدينية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، مما يُثقّف المعتمر ويحوّل الرحلة إلى تجربة روحانية وعلمية متكاملة.
ولعل من أجمل ما يميز رحلاته هو سهولة وراحة دخول الروضة الشريفة والحجز بها، وهي تفصيلة جوهرية تُجسد مدى حرصه على راحة المعتمر وتمكينه من أداء الشعائر بيسر. هذا الاهتمام الدقيق بكل تفصيلة هو ما يجعل المعتمرين معه يخرجون مثقفين دينياً، ومُتمنّين سرعة تكرار العمرة في صحبة هذا “الشخص المناسب”.

مواقف نبيلة واسمٌ مقترن بالخير
رغم أن البعض قد لا يكون قد التقاه شخصياً، إلا أن عشرات الحكايات المتواترة عن مواقفه النبيلة وخدمته الصادقة لكل من عرفه، قد رسّخت صورته كشخصية استثنائية. هذه السيرة العطرة جعلته واحداً ممن يُشار إليهم بالبنان في مجاله، و اقترن اسمه بالخير والسعادة لكل من تعامل معه.
في الختام، يُعد الشيخ عبد الله حمزة مثالاً يحتذى به للتوازن بين مسؤولية خدمة كتاب الله، والتفاني في خدمة ضيوف الرحمن، وبين دوره كقدوة أخلاقية تُذكّرنا بأن الخير لا يزال ماثلاً بيننا في صور مشرقة.










