في مثل هذا اليوم، 22 ديسمبر، تمر ذكرى رحيل واحد من أنبل رموز القوة الناعمة المصرية؛ الفنان القدير صلاح ذو الفقار (1926-1993). رجلٌ لم يكن مجرد “نجم شباك”، بل كان تجسيداً حياً لنموذج “الضابط الفنان” الذي جمع بين صرامة العسكرية ورقة الفن، تاركاً إرثاً وطنياً وإبداعياً لا يمحوه الزمن.
البطل المقاتل: من ملحمة الإسماعيلية إلى نوط الواجب
قبل أن تضج صالات السينما بالتصفيق له، كانت ساحات القتال تشهد على شجاعته:
-
ملحمة 25 يناير: كان الصاغ صلاح ذو الفقار أحد أبطال معركة الإسماعيلية عام 1952، صامداً أمام دبابات الاحتلال البريطاني في معركة سطرت تاريخ “عيد الشرطة”.
-
العدوان الثلاثي: قاد فرقة من “كوماندوز” طلاب أكاديمية الشرطة في 1956، وهو العمل البطولي الذي استحق عنه نوط الواجب العسكري من الطبقة الأولى من الرئيس جمال عبد الناصر.
المبدع الشامل: “الفتى الوسيم” الذي غير وجه السينما
دخل ذو الفقار عالم الفن بتصريح من وزير الداخلية، ليبدأ رحلة فنية قدم خلالها أكثر من 250 عملاً:
-
ثورة في الإنتاج: لم يكتفِ بالتمثيل، بل أنتج روائع مثل «أريد حلاً» الذي غير قوانين الأحوال الشخصية في مصر، و**«شيء من الخوف»** و**«صراع الأبطال»**.
-
الثنائي الذهبي: شكل مع الفنانة شادية الحالة الأكثر رومانسية وخفة ظل في تاريخ السينما المصرية، بـأفلام مثل «مراتي مدير عام» و«أغلى من حياتي».
-
تجسيد الضابط: بصدق لا يضاهى، قدم دور الضابط في أكثر من 23 عملاً، ناقلاً تفاصيل الحياة العسكرية والروح الوطنية إلى الشاشة ببراعة.
الحياة الخاصة: أربع محطات وفاء
توزعت حياة ذو الفقار الأسرية بين أربع زوجات، كانت أبرزهن السيدة نفيسة بهجت (أم أولاده)، والنجمتين زهرة العلا وشادية، وصولاً إلى زوجته الأخيرة السيدة بهيجة مقبل التي رافقته حتى النهاية. اتسمت علاقاته دائماً بالرقي، حتى بعد الانفصال، فظل نموذجاً للرجل الشهم والصديق المخلص.
المشهد الأخير: رحيل “على جبهة العمل”
في ديسمبر 1993، وأثناء تصوير مشاهده في فيلم «الإرهابي»، داهمته أزمة قلبية مفاجئة. رحل “البرنس” وهو في قلب الميدان الذي أحبه، لتكون آخر لقطاته الفنية شاهدة على إخلاصه لمهنته حتى اللحظة الأخيرة.
تكريم الدولة: الحق يعود لأصحابه
لم تنسَ مصر ابنها البار، ففي يناير 2023، كرم الرئيس عبد الفتاح السيسي اسم الراحل في احتفالية عيد الشرطة، تقديراً لتاريخه العسكري المشرف الذي سبق بريقه الفني، وتأكيداً على أن ذو الفقار سيظل رمزاً للفنان الذي آمن بأن الفن والوطنية وجهان لعملة واحدة.











