رغم التحذيرات المتلاحقة من خطورة حرب الإبادة التي تحدث في غزة وما يتعرض له الأشقاء الفلسطينيين من ويلات بعد انهيار الهدنة الإنسانية على يد قوات الاحتلال، والدول المعاونة التي أصبحت تشارك بصورة واضحة دون خجل، حيث قرر الاحتلال وأعوانه الاستمرار في خططهم الشيطانية لمحاصرة القطاع والضرب في كل اتجاه برا وبحر وجوا حتى زلزلت الأرض زلزالها.
الفلسطينيون لن يسلموا أرضهم حتى آخر نفس، ولا خيار ثالث لديهم فإما أرضهم إرث أجدادهم أو الارتقاء إلى المساء شهداء أوفياء في جنة الخلد.
والحقيقة أن كل الأصوات العاقلة والمحبة للسلام شددت على ضرورة وقف الحرب في غزة حتى لا تنفجر براكين الصراع في المنطقة، وتتسع المعركة، وتدور رحاها من بؤرة إلى آخري خارج السيطرة.
انعكس ما يحدث في غزة من استفراد قوة غاشمة بأهالي عزل يواجهون ترسانة الاحتلال المسلحة بصدور عارية، إلى إشعال مياه باب المندب للمرة الثانية، مما ينذر بتطورات خطيرة في شريان مائي رئيسي يعد الأهم في العالم.
الحوثيون أعلنوا استهداف سفينتين إسرائيليتين في المضيق أمس الأول الأحد بطائرة مسيرة وصاروخ بحري، وكشفت وزارة الدفاع الأمريكية عن هجمات على سفينة تابعة لها وسفن تجارية في البحر الأحمر.
وجاء بيان الحوثيين المدعومين من إيران، أنهم نفذوا عملية الهجوم داخل الممر البحري الإستراتيجي الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن.. وواصلوا تهديداتهم باستهداف السفن الإسرائيلية بل أكدوا أن الاستهداف سوف يشمل السفن التابعة لحلفاء إسرائيل أثناء عبورها من باب المندب.
تلك التطورات تنذر بأننا على أبواب مرحلة جديدة لكنها ليست سعيدة، وسيكون لها آثارها السلبية التي تنعكس على المنطقة بأكملها وربما امتدت إلى العالم أجمع.
المجتمع الدولي سوف يدفع ثمن تأييده الأعمى للمحتل المدلل الابن الغير شرعي للولايات المتحدة التي تستخدم سلاح الفيتو والتأثير على دول العالم بما تملكه من أدوات ضغط ومصالح لتغمض أعينها، والأخطر أن هذه الضغوط وصلت إلى دول في قلب المنطقة لتتغاضى عما يحدث في غزة مكتفية ببيانات تصدر أحيانا وعلى استحياء.
الأمور ستخرج عن السيطرة وسوف يدفع العالم أجمع فاتورة باهظة ثمنا للانقياد الأعمى وتعطيل أعمال القانون، والكيل بمكيالين في عالم ظالم تحكمه التكتلات الاقتصادية والمصالح ولا مكان فيه للضعفاء.
عموما الأيام المقبلة سوف تشهد اتساع بؤرة الصراع وسقوط المزيد من الضحايا في أماكن متفرقة بهدف تخفيف الضغط على أهالي غزة، ولأننا في الأيام بل في الساعات الحاسمة لنزع فتيل الأزمة، فإن المجتمع الدولي مطالب بالعودة إلى قواعد العدالة والاحتكام إلى القوانين والمواثيق الدولية، وتحويل ما يحدث من جرائم في الأرض المحتلة إلى محكمة العدل الدولية لاتخاذ القصاص اللازم تجاه العدو المتجبر.
وفي المقابل فإن الدول العربية والإسلامية مطالبة هي الأخرى بالتكتل على قلب رجل واحد دفاعا عن الأشقاء، إحقاقا للحق وحفاظا على الأرض والعرض من الدنس تحت أقدام محتل غاصب.
باختصار.. الأمور تتطور بسرعة، والصراع على أرض غزة التي ضاقت بما رحبت، وتتعرض لتسونامي إنساني لم تشهد له البشرية مثيل، سوف يتحول من كثرة الضغوط إلى بركان ثائر وقوده ملايين البشر، ردا على تجاوزات وصلت عنان السماء على مسمع ومرئ من عالم أصابه الصم والبكم والعمى وأدار ظهره إرضاء وكرامة لأمريكا وفتاها المدلل ليسعوا في الأرض فسادا.
وتبقى كلمة.. أكثر المتضررين من تفجير الصراع في منطقة الشرق الأوسط، هم أهل الشرق أنفسهم، فمنذ وعد بلفور المشؤوم الذي زرع السرطان في أوصال الوطن العربي ونحن ندفع الثمن ولا حل أمامنا إلا التكتل والضغط بقوة بما نملكه من ثروات وبترول وعدة وعتاد، ومصالح مع دول العالم أجمع لوقف هذه الحرب فورا، فنارها لا تعرف وطن ولا تردعها حدود، والردع سلاح الأقوياء لإقرار سلام الشجعان، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
صدقوني الوقت بات متأخرا جدا، ورغم ذلك أن تبدأ متأخرا خير من ألا تبدأ أبدا.