عندما يتفق البلطجي مع الشرطي تزيد السرقات وتكمم العدالة، ويعتلي الظلم شعارا للمرحلة، وتتوقف كل القوانين الوضعية والأخلاقية والدينية ويسود قانون الغاب القوي يأكل الضعيف ويسلبه حقوقه ويسرق ممتلكاته ويهتك عرضه، ويتحول إلى فرعون ومارد يلتهم الأخضر واليابس.
البلطجي الذي تحول إلى فرعون العالم هو إسرائيل التي تعثوا في الأرض فسادا وتتحدى المجتمع الدولي وتضرب بقراراته عرض الحائط غير مبالية بردود أفعاله، لأن جميع السوابق التاريخية تنتصر فيها كجان وتتم معاقبة المجني عليه لأنه تجرأ وقال لا للظلم ودافع عن أرضه وحقوقه بأعز ما يملك فداء لوطنه ليعمل عداد الشهداء بكامل قوته دون توقف ويسجل أعلى قراءات.
الشرطي الذي يحمي البلطجي ويدافع عنه هو الولايات المتحدة الأمريكية التي تلعب دور شرطي العالم وتحول الحق إلى باطل، والباطل إلى حقوق واجبة التنفيذ حتى ولو كان الثمن لا يصدقه عقلا ولا منطق لترسخ مبدأ الغاب البقاء فيه للأقوى واغتيال المواثيق والدولية والقوانين الإنسانية، وأموالها وترساناتها وأساطيلها البحرية وجيشها وصواريخها النووية جاهزة وتحت أمر إسرائيل لحمايتها وتنفيذ مطامعها مهما كان الثمن.
الضحية المجني عليها هي شعب فلسطين صاحب الأرض، والمالك الحقيقي لها، وتعد قضية فلسطين أهم القضايا الدولية المعقدة والممتدة جذورها إلى عقود طويلة، وتتعلق بحقوق الأشقاء ووجودهم في دولتهم المحتلة.
وانطلق النزاع الإسرائيلي الفلسطيني منذ تأسيس الصهيونية والهجرة اليهودية إلى فلسطين والاستيطان، والدور الذي لعبته الدول الكبرى في الأحداث لتحتل إسرائيل الأراضي الفلسطينية عبر عدة مراحل تاريخية مختلفة لتصل إلى ما نحن عليه من محاولاتها تهجير الفلسطينيين بعيدا عن أراضيهم بإغلاق ملف القضية إلى الأبد.
إسرائيل التي زرعت في المنطقة بالقوة نفذت سلسلة من الإجراءات المتفق عليها تضمنت هجمات إرهابية على القرى والمدن الفلسطينية نفذتها منظمات صهيونية بهدف ترحيل الفلسطينيين وتنفيذ التطهير العرقي، أدت إلى احتلال اليهود لـ78% من مساحة فلسطين التاريخية وتشريد مليون فلسطيني بالقوة إلى دول الجوار.
وخلال حرب 1948 نزح 750 ألف فلسطيني إلى مناطق تحكمها إسرائيل والأردن ومصر، ومنحت إسرائيل الجنسية للقابعين داخل حدودها، وشهدت الأراضي المحتلة بعد مذبحة دير ياسين العديد من الانتفاضات في وجه المحتل على مر عقودها كانت أبرزها انتفاضة الحجارة، وانتفاضة الأقصى، وأخيرا طوفان الأقصى الذي انطلق في السابع من أكتوبر الماضي.
باختصار.. أمريكا صاحبة اليد الطولى، لا ترى في الوجود إلا فتاها البلطجي المدلل إسرائيل وتبرر كل انتهاكاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة بأنها دفاع عن النفس، وترى أن إسرائيل البريئة المظلومة هي صاحبة الحقوق الشرعية في الأرض، وأن آلاف الشهداء والمصابين والمختفين تحت الأنقاض والأرامل واليتامى وبحور الدماء في غزة، تجرءوا ودافعوا عن أرضهم وعرضهم وأزعجوا المحتل الغاصب البريء!!
ويرى شرطي الزور حامي الحمى أن ما يفعله البلطجي اليهودي في لبنان وسوريا وتدميره للقنصلية الإيرانية أمن قومي لإسرائيل، وأن أي رد فعل من قبل المجني عليهم سوف تتصدى له أمريكا بالقوة، الأمر الذي يهدد استقرار المنطقة، وأنه يجب على كل من يتعرض لاعتداء البلطجي الصهيوني أن يحمد الله على ما أصابه، وأن أي رد فعل سيواجه بعنف والمزيد من التدمير والقتل، حتى لو اضطر الأمر لانطلاق حرب عالمية ثالثة.
تبقى كلمة.. هذا المنطق المعكوس لنظرية البلطجي والشرطي، والتحالف المحرم والمجرم يهدد العالم كله بالخراب والدمار والفناء، ولن يلوم الصامتين والحنجورية وأصحاب نظرية الخد الأيمن والأيسر، واحني ظهرك للريح لتمر، إلا الحسرة والندامة على أوطان تحول ملاكها إلى ضيوف شرف وذكرى في مهب الريح.